يقبع الآف اليمنيين في سجون ومعتقلات مليشيا الحوثي الانقلابية منذ اجتياحها للعاصمة صنعاء وبقية المحافظات اليمنية التي لاتزال تحت سيطرتها، يتعرض المعتقلون فيها لصنوف من التعذيب وأساليب مختلفة من الانتهاكات التي تمارسها عليهم المليشيا مرتكبة لأبشع الجرائم الانسانية.
ومن وقع في قبضة المليشيا فقد وقعت حياته في شراك إجرامي لا يمكنه الافلات منه إلا مشلولا أو مختلا، ومن سلم عقله لا يخرج إلا جثة هامدة، هذا حال من ينجو ويفرج عنه، ناهيك عمن تقتلهم المليشيا بشكل شبه يومي في معتقلاتها وتودعهم ثلاجات المستشفيات التي تسيطر عليها أو تدفنهم في مقابر خاصة بها، حيث أن معظمهم لا تعرف أسرهم عنهم شيئاً ولا تعلم في أي سجن يقبعون ويعذبون.
ومن بين ضحايا جرائم المليشيا في معتقلاتها الناشط السياسي جمال المعمري الذي اختطفته المليشيا من أحد فنادق العاصمة صنعاء من جوار زوجته، منتصف ليلة الـ3 من مارس 2015، أخذوه إلى أحد المعتقلات التابعة لهم، ليمارسوا عليه أشد أنواع التعذيب، أدى إلى إصابته بشلل طرفي ارتخائي بعد تعذيب أستمر لمدة ثمانية أيام متتالية لم تذق فيها جفونه النوم.
بعد أكثر من ثلاث سنوات قضاها الناشط السياسي جمال المعمري في معتقلات مليشيا الحوثي الانقلابية.. أفرج عنه فاقداً القدرة على الحركة جراء تعرضه لصنوفا من التعذيب أخرجته مشلولاً ومحروقاً بجثة لا تقوى على السير وأقدام لا تعرف الخطى تماما كجسده الذي لم يعرف الشمس ولا الهواء منذ اختطافه قبل ثلاث سنوات.
وفي جلسة استماع للمختطف العمري في مدينة مارب نظمها فريق الهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات “هود” وفريق بنيان للتنمية المجتمعية وحقوق الانسان، تحدث المعمري عن جرائم الحرب والتصفية التي تمارسها المليشيا الحوثية في معتقلاتها ضد من تختطفهم من المدنيين والصحفيين والناشطين، فضلاً عن تعذيب اشخاص حتى الموت.
وفي معتقلاتها تستخدم مليشيا الحوثي أبشع وسائل التعذيب الجسدي بحق المعتقلين، ولا تكتفي بذلك بل تمارس وسائل تعذيب نفسية للضغط على المعتقلين وإذلالهم، يقول المعمري :” المليشيا وبعد اختطافي من غرفة الفندق التي كنت أقيم فيها مع زوجتي لم تكتف بالضرب والسحل والتعذيب الجسدي بل قاموا بإسماعي أصوات صراخ نساء يعذبن لإيهامي أن زوجتي مختطفة لديهم وتعذب، للضغط عليَّ وإذلالي”.
ولكي تدفن جرائمها تعمل المليشيا على تعذيب الضحايا في سجونها حتى الموت وتودعهم في ثلاجات مستشفيات تسيطر عليها، وفي هذا الصدد تحدث المعمري، قائلاً :” المليشيا ارتكبت جرائم مروعة داخل سجونها، لكن من خرجوا من السجن لم يتحدثوا عنها مبرراً ذلك بخروجهم جثثاً في صناديق إلى ثلاجات الموتى في المستشفيات التي تسيطر عليها”.
كما لا تقتصر جرائم المليشيا في معتقلاتها على التعذيب والقتل البطيء، بل تمادت إلى القتل الجماعي والسريع من خلال تلغيم السجون وتفجيرها بمن فيها يتابع المعمري “في أحد السجون التي نقلنا إليها، وجدنا فيها مئات المعتقلين بينهم صحفيين وناشطين سياسيين، واستخدمونا كدروع بشرية، وكانوا يجندون ويدربون في مبان بالجوار، ولم يتنبه لها الطيران الا بعد أكثر من شهرين، فقام بضرب المباني كلها إلا السجن.
ويضيف “بعد الغارات الجوية قام الحوثيون بتلغيم السجن وحاولوا تفجيره ليتهموا الطيران، لكن بعض السجناء كسروا باب المخزن فوجدوا فيه هاتفاً أرضياً واتصلوا بأصدقاء لهم، والأخيرين اتصلوا بمنظمات من بينها الصليب الأحمر وقنوات فضائية، الأمر الذي منع الحوثيين من تفجير السجن، فقاموا بإخراج السجناء وتعريتهم، ومن ثم اطلقوا عليهم قنابل غازية محرمة دولياً، واطلقوا عليهم وابل من الرصاص الحي سقط على إثرها الكثير من القتلى والجرحى من بينهم حسين راشد الحسوي بعد أن خرجت أمعاءه على الأرض ونزف حتى الموت، وشريك فارس مناع شيخ من صعدة يدعى «الحسوي» كان بالقرب مني وطلب مني أن أربط له مكان الإصابة، ولم أستطع لكوني مشلول “.
“معتقلات المليشيا ليست فقط لليمنيين بل يوجد فيها معتقلين من جنسيات أخرى يتعرضون للتعذيب ذاته، من بينهم معتقل أمريكي اسمه “جون” تعرض للتعذيب حتى الموت” حسب رواية المعمري.
وتستغل المليشيا المعتقلين في سجونها كمصدر ومورد مالي لتعويض خسائرها، يقول المعمري :”المليشيا أجبرتني على توقيع محاضر استلام لمبالغ مالية اخذوها من أسرتي بدون تسليمي أي مبلغ”.
وأكد أن المليشيا قتلت مئات المعتقلين في سجونها تحت وطأة التعذيب في سجن الأمن السياسي الذي نقل إليه مؤخراً، ومن بين مسعود يحيى البكيلي الذي ضربوا رأسه بمطارق حديدية وتركوه ينزف حتى فارق الحياة، كما يوجد في سجن الأمن السياسي الدكتور يوسف البواب والذي يحقق معه، بعد أن كسرت المليشيا أحد أضلاع صدره أثناء التعذيب، فضلاً عن 36 آخرين مصابين بفشل كلوي يعلقون ويعذبون يومياً لإجبارهم على الاعتراف بجرائم لا علاقة لهم بها.
وأفاد أن مليشيا الحوثي اجرت حديثا تلفزيونيا معه قبل خروجه بيومين تحت الضغط والتهديد، تحدث فيها عن معاملة حسنة وعدم تقصير للقائمين على السجون عندما زاره القيادي الحوثي يحيى بدر الدين الحوثي وشخص آخر يدعي ابو قناف الجبري.
وفي ختام الجلسة طالب المعمري الأمم المتحدة ومجلس الأمن بتشكيل لجنة طبية محايدة تقوم بفحصه والكشف عن ما تعرّض له من تعذيب وانتهاكات، كما طالب محكمة الجنايات الدولية بمحاسبة المليشيا وقادتها مؤكداً أنه سيرفع قضية ضدهم وسيقدم فيها أسماء من قاموا بتعذيبه طوال فترة اعتقاله. .مشدداً في ختام حديثه لمنظمات المجتمع المدني والناشطين ووسائل الاعلام على ضرورة تدخل المجتمع الدولي لإنقاذ الاف المختطفين والمخفيين قسرياً من جرائم وانتهاكات المليشيا والكشف عن مصير المفقودين.
وفي تعليق رسمي للحكومة اليمنية على لسان وزير الاعلام معمر الإرياني حول جرائم المليشيا في معتقلاتها أكد أن الجرائم التي ترتكبها ميليشيا الحوثي الانقلابية بحق أبناء الشعب اليمني، بمن فيهم المعتقلين في سجونها لن تسقط بالتقادم وسيقدم مرتكبيها للمحاسبة في القريب العاجل.
وقال الوزير الإرياني :”إن الجريمة التي ارتكبتها المليشيا الحوثية بحق المعتقل في سجونها منذ ثلاث سنوات الشيخ جمال المعمري والذي اطلقته مؤخرا بعد اصابته بالشلل التام، تؤكد حقيقة الأوضاع المأساوية التي يعيشها الأف المعتقلين في سجونها وتكشف أصناف التعذيب النفسي والجسدي الذي يتعرضون له”.
ودعا الارياني المجتمع الدولي وفي مقدمتها هيئة الأمم المتحدة، ومجلس الامن الدولي والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى تشكيل لجنة للاطلاع على اوضاع المعتقلين والمختطفين في سجون المليشيات الحوثية.
وتعد جريمة الحوثي التي ارتكبتها ضد المختطف المعمري واحدة من بين آلاف الجرائم التي تمارسها المليشيا بشكل يومي في معتقلاتها وسجونها التي تعج بآلاف المعتقلين والمخفيين قسرياً التي تمارس المليشيا مختلف أساليب التعذيب البشعة بحق الضحايا، فلا يخرج من تلك المعتقلات شخصاً سليما، فمن سلم عقله من الاختلال يكون قد فقد التوازن في جسمه وأصيب بشلل أو عاهة دائمة جراء التعذيب.
وفي إحصائية نشرت مؤخرا تشير إلى أن عدد المعتقلين والمخفيين قسريا في سجون مليشيا الحوثي الانقلابية أكثر من خمسة آلاف معتقلاً ومخفيا قسرياً معظمهم يتعرضون للتعذيب الشديد بشكل يومي، فضلاً عن موت الكثير منهم نتيجة للتعذيب.