“سبتمبر نت”
بعد ثلاثة أعوام من الحياد في حرب اليمن استخدمت روسيا مؤخرا حق النقض “الفيتو” ضد مشروع قرار بريطاني يدين تدخلات إيران في اليمن
مشروع القرار الذي كان يتضمن تنديدا بتقاعس إيران عن منع وصول أسلحتها إلى مليشيا الحوثي الانقلابية حظي بتأييد 11 دولة، وامتنعت عن التصويت له دولتان، قبل أن يتم إجهاضه ب “الفيتو” الروسي.
وأصدر مجلس الأمن الدولي الاثنين، القرار 2402 بشأن تمديد تدابير عقوبات مفروضة على اليمن بموجب القرار 2140، حتى 26 فبراير/شباط 2019، وتمديد ولاية فريق الخبراء بصيغتها الواردة في نفس القرار المذكور حتى 28 مارس/آذار 2019.
وخلال الجلسة فشل المجلس بالتصويت لمشروع القرار الذي تقدمت به بريطانيا والذي كان يركز على تمديد العقوبات مع إدانة إيران وتدخلها في اليمن.
ويرى مراقبون أن استخدام روسيا حق النقض “الفيتو” ضد مشروع القرار البريطاني يؤكد انتقال حلبة الصراعات الدولية إلى ملف آخر في المنطقة، منوهين على إمكانية تكرار النموذج السوري في اليمن بدخول روسيا خط المواجهة السياسية الى جوار إيران في اليمن.
ورغم سعي موسكو منذ اندلاع الأزمة اليمنية إلى الحفاظ على علاقات مع جميع أطراف الأزمة، واعتماد سياسة مرنة، لكن يبدوا أن موقفها الأخير كشف بانها أصبحت ظهيرا داعم لإيران.
وعلل المندوب الروسي استخدامهم للفيتو بالقول أن قرار بريطانيا الذي قدمته للمجلس له آثار سلبية على اليمن والمنطقة برمتها وسيزيد من التوتر وسيؤدي إلى النزاع في المنطقة، وأكد أن بلاده تدعم برنامج يوحد الصفوف وليس برنامج يعمل على التغيير الجوسياسي في المنطقة.
وتعتبر روسيا ان تقرير الامم المتحدة لا يحمل أدلة على تورط مباشر للسلطات الإيرانية في ايصال الصواريخ الى اليمن، كما ترى ايضا ان قطع الصواريخ التي عرضتها واشنطن، حتى ولو كانت إيرانية الصنع، فهذا لا يكفي للدلالة على أن إيران قامت بدور مباشر في نقلها إلى اليمن في خرق لقرار الأمم المتحدة الصادر عام 2015.
وكان تقرير سري أعده فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات على اليمن قد قدم أدلة على تورط إيران في إمداد مليشيا الحوثي بالأسلحة والعتاد، ومنها الصواريخ الباليستية، مشيرا بأن بقايا 4 صواريخ بالستية أطلقتها المليشيات الحوثية على مناطق في السعودية العام الجاري، قدمت من إيران.
وتعليقا على الموقف الروسي لدى مجلس الأمن قال مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة خالد اليماني، إن مجلس الأمن فشل أمس الإثنين في إرسال رسائل واضحة الى إيران، وسيؤدي هذا الفشل الذريع لتحريض إيران وأذرعها الإرهابية في المنطقة ومن بينها المليشيات الحوثية في اليمن على التمادي.
واضاف اليماني في إحاطته التي قدمها لمجلس الأمن أمس الثلاثاء، إن الرسائل المشوشة التي خرجت أمس من مجلس الأمن ستترجم بمزيد من العنف والصواريخ الباليستيه والمزيد من المآسي.
وتابع إن “عدم إمتثال إيران للفقرة 14 من قرار مجلس الأمن رقم 2216 (2015) وهو ما توصلت إليه لجنة العقوبات لهو دليلٌ واضح للعيان على سياستها لزعزعة الاستقرار والأمن في كامل المنطقة”.
وقال اليماني إن الهجمات بالصواريخ الباليستية إيرانية الصنع التي تشنها ميليشيا الحوثي على أراضي المملكة العربية السعودية والتي بلغت الـ 95 هجوماً وأثبتها تقرير فريق الخبراء المعني باليمن تدل على مخطط إرهابي دولي تقوده إيران الدولة المارقة والراعية للإرهاب الدولي.
واعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية الموقف الروسي في مجلس الأمن بأنه يدعم إيران في نشر الفوضى في الشرق الأوسط.
واتهمت السفيرة الأميركية في بيان رسمي لها روسيا بحماية “النظام الإيراني الراعي للإرهاب”، وحذّرت من مزيد من الإجراءات ضد إيران”.
وقالت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هيلي إن فريق الخبراء قدم أدلة على تهريب إيران أسلحة للحوثيين في اليمن.
واضافت “إن إطلاق الحوثيين الصواريخ على السعودية قد يشعل نزاعا إقليميا، مؤكدة على أن الولايات المتحدة لم ولن نتوقف عن السعي لمحاسبة إيران على تجاوزاتها.
وقالت هيلي “إذا كانت روسيا ستستخدم الفيتو لمنع أي إجراء ضد سلوك إيران الخطير والمزعزع للإستقرار في المنطقة، فالولايات المتحدة وشركاؤها سيضطرون لإتخاذ إجراءات ضد إيران لا يمكن لروسيا منعها.
وفي هذا الإطار أكد الباحث السياسي، عدنان هاشم، المتخصص في السياسة الإيرانية أن الفيتو الروسي سيشكل بداية لتدخل أوسع في اليمن واستخدامها كورقة مزايدة على سوريا، مضيفا “سبق أن بررت موسكو الحملة الموجودة في سوريا بالعمليات في اليمن”.
وحول تأثير ذلك على الملف اليمني ومجريات الأحداث في اليمن يشير هاشم في سياق حديثة لـ “سبتمبرنت” إلى أن التحول الروسي من محايد إلى فاعل خارجي في اليمن سيزيد من تعقيد الأزمة والحرب ما يدفع بالسعودية والولايات المتحدة وأوروبا لسرعة حسم هذا الملف حتى لا يتداخل بشكل أكبر في ملفي سوريا وأوكرانيا.
ويختم الباحث السياسي حديثه بالقول ” أن الحرب في اليمن دخلت منعطف أكثر خطورة مع عجز التحالف عن حماية شرعية الحكومة وانعدام الحلول الوسط التي تنجو بالبلاد من التفكك والانقسام”.
وعن الدور الذي يمكن أن تلعبه روسيا في اليمن يعتقد المحلل السياسي عبد الرقيب الهدياني ان عدم الموافقة على القرار البريطاني بخصوص فرض عقَوبات علي إيران سيفتح مجال لدور روسي فاعل في الأيام القادمة.
ويشير الهدياني في تصريح لـ “سبتمبرنت” الى أن طول أمد الحرب ودخولها عامها الرابع بدون تقدم حقيقي قد يفتح المجال لدخول لاعبين جدد مما قد يهيئ الوضع بصورة أكبر لنجاح الإيرانيين.
الجدير بالذكر أن أكثر من اثنين وعشرين مليون يمني بحاجة الى مساعدات إنسانية عاجلة وفقا للأمم المتحدة، بزيادة 1,5 مليون شخص خلال الاشهر الستة الماضية.
وتشير تقارير أممية الى أن خطر حصول مجاعة في تزايد، أذ يعاني 8,4 ملايين شخص من الجوع في مقابل 6,8 ملايين في 2017م.