لخميس الماضي عاد المواطن بشير صوفه إلى منزلة في منطقة اليتمة بمحافظة الجوف بعد اربع سنوات من الغياب, والتهجير القسري, بعيدا عن المال والأهل.وكانت المليشيا قد هجرت مئات الآلاف من المواطنين من منازلهم لكن موجة التهجير بدأت بالانحسار مع انحسار سيطرة المليشيا على المحافظات, وتقدم قوات الجيش الوطني.وبدأ المواطنون يتدفقون الى مناطقهم عائدين الى منازلهم فيما لا يزال آلاف المهجرين من الذين ما زالت مناطقهم تحت سيطرة المليشيا, يعانون مرارة التهجير والنزوح.
سعادة المواطن بشير صوفه لم تستطيع الكلمات وصفها في اللحظة التي كان يهم فيها دخول منزله, بعد أن تركه منذ أربع سنوات.ويقول صوفه لـموقع ”سبتمبر نت” أشعر بسعادة بالغة لا توصف ولكن بمجرد ما أتذكر إخواننا الذين عانوا أكثر منا, والذين ضحوا بأرواحهم وفجرت منازلهم واختطفوا وتعرضوا للتعذيب, تهون علي مصيبتي وفراقي لأهلي ومنزلي.
يحكي بشير بمرارة كيف اقتحمت المليشيا منزلة غير مراعية للقيم والأخلاق بحثا عنه بعد لجؤه للمملكة العربية السعودية ووجدت أطفاله الصغار ووالده الذي أنهكه المرض وكيف ظلت تراقب المنزل طوال فترة وجودها في اليتمة وتهدد بتفجيره بمن فيه، إلا أن ضغط المواطنين على المليشيا منعهم من ذلك.
عقب ذلك عملت المليشيا على تهجير اسرة صوفه الى منطقة مجاورة في مديرية خب الشعف، وهذا الامر دفع ببشير الى العودة من السعودية والالتحاق بصفوف الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في الجوف ضد المليشيا الانقلابية، وخاض معارك التحرير في اكثر من جبه حتى حقق حمله الشخصي بالعودة الى منزله.
لكن بشير لا يزال لديه حلمه الكبير حسب ما قال وبأنه سوف يواصل القتال ضد المليشيا الانقلابية حتى يعود كل نازح الى منزله, وتطهير كل شبر في البلاد من دنس المليشيا الانقلابية.
الحارس الامين
في منزل صوفه كان لقاء مع الحاج علي سالم الذي بقي في المنطقة كحارس لمنازل المواطنين وممتلكات بعد ان هجرتهم المليشيا منها حيث قال “بقيت في المنطقة كواجب ديني وعرف قبلي كي لا أسمح باي اذي يحل بجاري او أي شيء يخصه”.
وأكد “أن المليشيا جاءت لتداهم منزل الأخ بشير ووقفت في وجهها لأني حارس على المنزل منذ مغادرة أهله وتأميني عليه, والأمانة لا يمكن أن أفرط فيها وأعطيها لآخرين مهما كان الثمن, حتى اتهموني بحماية “الدواعش” حسب قولهم, ومنعتهم من دخول المنزل اكثر من مرة وهم يحاولون التمركز فيه, واحيانا تفجيره”.
وشرح الحاج سالم كفاحه طيلة اربع سنوات عجاف, في المنطقة وقال ” وجه الخير يأتي معه الخير والشر يأتي معه الشر” موضحا “جاءت المليشيا وانقطع البترول فترة وبعدها عاد بسعر ثمانية الف ريال للعشرين لتر, وارتفعت الأسعار, جعل الناس يتركون الاهتمام بمزارعهم وانتهت الكثير من المزارع, أما أنا بقيت اكافح حسب إمكانياتي وانتهت عليا بعض الأشجار وأجزاء من المزرعة”.
ويتابع “جاء الجيش وتوفر البترول والأمن, وأصبح سعر البترول “أربعة الف ريال” للعشرين لتر, وكذلك انتهى الخوف من قصف الطيران, حيث كانت المليشيا تستخدم المزارع للاختباء من الغارات, وكان الطيران يقصف اماكن تواجد المليشيا في المزارع الأمر الذي كان يعرض الكثيرين للخطر”.
مدارس الجمهورية اليمنية
في منزل صوفه تجمع أطفال المنطقة من جيرانه وكان بينهم الطفل خالد ذو التقاسيم والملامح البدوية وجهنا له سؤال عن الدراسة في المنطقة وكيف كانت تسير, رد بكل عفوية وشجاعة نحن ندرس في مدارس “الجمهورية اليمنية”.
وكما للأطفال روايتهم الخاصة للحرب وقد تكون الأكثر صدقا يتحدث الطفل خالد عن كيف تم تحرير اليتمة وعن بطولة افراد الجيش الوطني.
ويواصل الطفل خالد بلهجته ولكنته البدوية حديثه بالقول “: الكبار من المليشيا هربت في الليل وخلفوا ورائهم المساكين, تركوهم في الجبال, وما علموا المليشيا الا والجيش عندهم في المتارس”, مضيفاً “خانوهم قادتهم “خانوهم” والله , ومن قاوم قتل, ومن سلم أُسر, وجثثهم بقيت كثير في المواقع”.