كتب / بشرى العامري :
لم تكن الاعلامية اليمنية التي ناضلت لسنوات من اجل ايجاد مكان لها في الوسط الاعلامي الذكوري بمنأى عن الانتهاكات التي طالت زملائها الاعلاميين كونها امرأة في بلد يجرم الاعتداء او المساس بكرامة النساء .
ففي اليمن يعتبر اي اعتداء على النساء مهما كان الامر, عيبا اجتماعيا اسودا يعاقب ويحقر مرتكبه .
لكن مع ذلك طالت الاعتداءات العديد من الاعلاميات اليمنيات، خصوصا من كن ضد ممارسات المليشيا الانقلابية التي نالت من الحقوق والحريات والاعتداءات على المواطنين وممن يعملن ايضا في الميدان لتغطية الاحداث لتصل حتى لمن يقبعن في بيوتهن ويمارسن عملهن في نشر الاخبار وكتابة المقالات عبر المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي مما يعد مؤشرا خطيرا على تدهور الحريات الصحفية في بلد انهارت فيه كل القيم والاخلاق المتعارف عليها وحلت مكانها ميليشيا لاتعترف باي مكانة او خصوصية للمرأة .
ودفعت الاعلاميات فاتورة باهضة جراء مشاركتهن الواسعة في ثورة الشباب 2011 التي اسقطت الرئيس السابق علي صالح وكان حضورها مميزا في تغطياتها الاعلامية انذاك, فقد عملت المليشيات الحوثية على كتم أصوات النساء ومن يمثلهن في الإعلام، بالرغم من ضآلة أعدادهن، لتخفت أصوات الإعلاميات بشكل غير مسبوق.
واصرت ميليشيا الحوثي وصالح على عودة المرأة الاعلامية الى الوراء لعقود في ظل معاناة كبيرة واعتداءات تفاوتت بين التهديدات بالقتل والخطف والاعتداء اضافة الى اقصاءها من عملها او مضايقتها ليصل الامر الى احد فصلها وارغامها على عدم مغادرة المنزل او الكتابة والتعبير حتى على مواقع التواصل الاجتماعي , بل وتجاوز الامر حد وصف اي اعلامية تكشف اوتكتب انتهاكات تلك المليشيات بالداعشية او المرتزقة والعميلة وخائنة الوطن وغيرها من المسميات مما يعد تحريضا لانصارهم في المجتمع على اذيتها حد استباحة دمها.
شهادات ووقائع :
الاعلامية ابتهال المخلافي تعمل في القناة التعليمية نائب مدير البرامج تقول “عندما بدأت مليشيا الحوثي وصالح بالسيطرة على المؤسسات فرضوا علينا حراسا كانوا عبارة عن مجموعة اطفال يحملون اسلحة واخضعونا للتفتيش قبل الدخول للمقر وبعده وكان هذا استفزاز كبير بالنسبة لي كونه يتم تفتيشي بطرقة مهينة من قبل اطفال لايحملون اي صفة رسمية وبعد اعتراضي تفاجأت بتعليق شعار الصرخة وقمت بالاعتراض بحكم اننا مؤسسة تعليمية تربوية وعندما احتد الخلاف غادرت القناة وقام زميلي بتمزيق الصرخة فأغلقوا الابواب ووجهو لنا تهمة الدواعش التي سمعتها لاحقا من حراستهم عندما دخلت قال احدهم ” هذه الداعشية” بعدها تم تشكيل لجنة ثورية وفرضوا علينا اشخاص من اتباعهم واجتمعوا بي لمناقشة الخطة البرامجية وكانوا لايفقهون شيئا في عملنا لكن لهجتهم كانت متعالية وحاولوا تحقير كل مانقوم به من عمل ونسف كل آلياتنا السابقة .
وتواصل قائلة “بعدها قاموا بإدخال قناة المسيرة الى مبنى القناة التعليمية كان هذا انتهاكا صارخا كونها قناة تعليمية تتبع وزارة التربية والتعليم ولايجب ان اتدخل ضمن الصراعات السياسية ثانيا ان المقر في منطقة سكنية وخفنا من القصف , تم احتلال مكاتبنا , ومنعنا من الدوام , وحولوا قناة اليمن التابعة للميليشيات الى مبنى التعليمية واحتلت القناة رسميا بترسانة من المسلحين, وبدأت بتصفية كل الزملاء الرافضين لممارساتهم وتوجهاتهم وتوقيف مرتباتهم وملاحقتهم , والاخطر من هذا انه تم تهديدنا بتفجير منازلنا ان تم قصف مبنى القناة التعليمية الذي يسيطروا عليه اليوم” .
وكانت تعمل ابتهال كمحررة اخبار في قناة السعيدة تقول عن ماحدث لها هناك ايضا ” تعرضنا لعدة مضايقات في البداية توقفت عن العمل في السعيدة بسبب الحالة الامنية لان العمل كان يستمر حتى التاسعة ليلا بعدها بفترة وجيزة اقتحم اكثر من مائة مسلح مقر القناة وتم التعامل مع الزملاء والزميلات بطريقة همجية وتم ايقاف البث لمدة عشرة ايام بعدها فرضت سياسة جديدة على القناة وتوقف بث الاخبار بشكل نهائي.. وتسببت هذه المليشيات بفقدي لعملي” .
الصحفية اشراق الصبري هي اليوم نازحة من تعز التي تقبع تحت حصار تلك المليشيات وقصفها المستمر طوال اليوم بالمدفعيات وغيرها , تعيش مع عدد كبير من المواطنين في محافظة اب , تعاني اليوم من تهديدات كبيرة وجهت لها من قبل مشرفي تلك المليشيات وقيادتها بسبب ظهورها في قناة الحرة تتحدث ضمن تقرير تلفزيوني عن التحرش والاستغلال المادي الذي تعانيه النازحات في تلك المحافظة وتقصير سلطة امر الواقع في حمايتهن وتورط بعض جماعتهن في هذه الانتهاكات , وتعرضت في السابق لمحاولة اغتيال اثناء قيادتها لسيارتها وتوجهها للعاصمة للمشاركة في فعالية هناك.
تقول اشراق” نعاني كثيرا فقدنا اعمالنا ومصادر دخلنا بسبب اغلاق مكاتب الاعلام والقنوات والصحف” مشيرة الى قمع المليشيات لكل من يقوم بالعمل الاعلامي وان الحد من ظاهرة اﻻعلام الحر والصحافة المباشرة وتغطية اﻻحداث كان سببا في عزوف بعض الاعلاميات عن مهنة الاعلام والصحافه حفاظا على انفسهن من اﻻساءه واﻻنتهاك .. او تعرضهن للخطف واﻻعتقال ونادرا للاغتيال او القتل بحجة نشرها او تغطيتها ﻻحداث او انتهاكات قام بها طرف معين او جهة معينة..
وتؤكد اشراق ” انه ﻻ يوجد تفعيل لقانون حماية الصحفيين واﻻعلاميين وكون البلد تعيش في ظل حرب ودمار وفي ظل اللاسلطه وغياب القانون .. وان هناك من الاعلاميات من تم اغتيالها كما حدث في عدن .. وغيرهن ممن تم اختطافها او اعتقالها كما حدث في تعز .. والبعض منهن يتم تهديدهن او ملاحقتهن ان قمن بأي نشاط اعلامي ﻻيروق لطرف معين ”
مشيرة الى ان كل هذا يؤثر على الاعلامية بشكل كبير نفسيا وجسديا”.
وكثير من الاعلاميات احجمن عن التحدث عما يواجهن من ضغوط وتهديدات او ما حدث معهن من انتهاكات مختلفة خشية تفاقم تلك الانتهاكات او تضرر اهلهن وذويهن وقمع اهالي البعض منهن لهن خوفا عليهن واضطرت الكثيرات للنزوح الى القرى او الهروب خلسة الى خارج البلاد , وتم ايقاف ومصادرة كل مستحقاتهن في اماكن عملهن , ويعشن اليوم في ظروف بالغة الصعوبة دون ان تمتد لهن يد المساعدة من اي جهة اخرى الا فيما ندر .
صحفية اخرى كانت تعمل في صحيفة رسمية بعدن تتواجد حاليا بالعاصمة وتتلقى تهديدات بين الحين والاخر بالتصفة بسبب مجرد الشك في تواصلها مع بعض المنظمات الراصدة لانتهاكات حقوق الانسان , مما دفع بزوجها واسرتها لمنعها من مغادرة المنزل نهائيا وحبسها فيه حتى اجل غير مسمى..
في المقابل تقوم هذه المليشيات الانقلابية بتشويه سمعة الإعلامية، والتقليل من شأنها، والنيل من شرفها، خاصة في مجتمع ينظر إلى المرأة بنوع من الانتقاص أو الدونية، وبهذه الطريقة يتم تدمير الإعلاميات وسحقهن مجتمعيا، وهذه هي الوسيلة الأسهل بالنسبة لهم، دون الحاجة إلى تلويث أيديهم بالدماء
ووصفت الكاتبة الحوثيّة، إشراق المأخذي، على صفحتها على “فيسبوك” أنّ “صوت الإعلاميّة عورة كسائر النساء”.
ونشر موقع “الصرخة نيوز” الحوثي، قائمة باسم “كتاب ومثقفون وناشطون داعمون للإرهاب” كان اسم الاعلامية سامية الاغبري بينها
كما تم وضع اسم الدكتورة، غيداء المجاهد، على قائمة “العار الأكاديمية”، لاتهامها بـ”خيانة البلاد وتحريض قوات التحالف العربي على قتل اليمنيين”، مهددين بتقديمها إلى “محكمة الشعب” بحسب وصفهم. وذلك بسبب كتابتها المقالات الصحافية والمنشورات على “فيسبوك”، لتوعية القراء بحقيقة المشروع الحوثي.
رصد لاهم الانتهاكات :
وفيما يلي رصد قامت به نقابة الصحفيين وشبكة اعلاميون من اجل مناصرة قضايا المرأة لعدد من الانتهاكات التي طالت الصحفيات خلال الفترة من يناير 2015 وحتى يونيو 2016 والتي وثقت احدى عشر حالة انتهاك فردية وجماعية طالت تلك الاعلاميات من قبل المليشيا , بينها حالة قتل و3 محاولات اغتيال وحالة تفجير منزل , وحالة اعتداء وحالتي احتجاز وحالتي تهديد سب وقذف , واكدت الشبكة ان هناك حالات مضاعفة لهذا الرصد لكن نتيجة الخوف والقمع المتزايدة اثرت الكثير من الاعلاميات عدم الافصاح عما يلاقينه من انتهاكات وقمع للحريات:
– مايقارب ال25 صحفية تعمل في وكالة سبا الرسمية لم تعد تعمل اي واحدة منهن اليوم وكذا في وسائل الاعلام الرسمية الاخرى وتم استبدال بعضهن باخريات مواليات للميليشيات الحوثية .
– 28-29-1/2015م تعرضت الصحفية والناشطة الحقوقية سامية الأغبري للسب والتجريح على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك من قبل مجموعة من المحسوبين على الحوثيين على خلفية مواقفها ومقالاتها المنددة والرافضة للانقلاب.
– الصحفية نهلة القدسي المصورة والمحررة في موقع “شعب أونلاين” 14/3/2015م تعرضت للاعتداء بالضرب من قبل مسلحين حوثيين يرتدون زيا عسكريا ويحملون أسلحة عليها شعارات الحوثي في العاصمة صنعاء ،أثناء تصويرها لتفريق مظاهرة .
– الصحفية انيسة العلواني مراسلة قناة بلقيس في محافظة تعز 10-10-2015 تعرضا لمحاولة اغتيال من قبل مليشيات جماعة الحوثي وصالح حيث اخترقت رصاصة اطلقها قناص السيارة التي كانت تقلها واصيب السائق.
– ا /ابريل 2015 ارسل الحوثيون طقمين مسلحين إلى منزل عضوة الحوار الوطني الناشطة نادية عبد الله بصنعاء في محاولة لاعتقالها الا أنها لم تكن حينها متواجدة في منزلها وجاءت محاولة اعتقالها بسبب مواقفها المناهضة للحوثيين وتحركاتهم في جنوب البلاد وقتل المدنيين.
– 12 /8 /2015 تم احتجاز القيادية في نقابة الصحافيين اليمنيين سعادة علاية، مع عدد من موظفي الشبكة اليمنية لحقوق الانسان بصنعاء اثناء اقتحام ميليشيات الحوثي لمقري المنظمتين.
– 5 / 9/ 2015 تم قتل الاذاعية جميلة جميل في ظروف غامضة وقامت مليشيات الحوثي بفرض طوق حراسة على مستشفى الجمهوري بصنعاء التى تتواجد فيها جثة المذيعة وتمنع الاقتراب منها, وكشفت المصادر للاعلام ان المذيعة جميلة تعرضت قبل وفاتها بساعات لضغوطات ووتهديدات من قبل مليشيات الحوثي عندما ابلغتهم بانها ستعود الى عدن, ورفض الحوثيون طلب النقابة متابعة حيثيات وفاة المذيعة بقناة عدن, وعرضها على طبيب شرعي وتشريحها لمعرفة أسباب الوفاة, التي مازالت غامضة حتى اللحظة.
– في اواخر يونيو الماضي تم تفجير منزل الاعلامية ذكرى عراسي في عدن وهي التي قذفت رئيس وفد الحوثيين في مفاوضات جنيف حمزة الحوثي بالحذاء..
– 2 / 2/2016 م تعرضت الإعلامية بشرى الناشري لمحاولة اغتيال من قبل مسلحين يتبعون جماعة الحوثي وصالح بصنعاء عندما اطلقوا النار صوبها اثناء دخولها منزلها الذي سيطر عليه الحوثيون على خلفية نشاطها واخيها الصحفي ,ومنعت الميليشيا اسعافها وبعد وساطات أسعفت و أجريت لها عملية لاستخراج الرصاص من قدمها ووقف النزيف, وتم اعتقال زوجها واخ اخر لها وخالها من اجل الضغط عليهم للتوقيع بانها اصيبت برصاص راجع, ومؤخرا تم بتر ساقها بعد اصابتها بالغرغرينا بسبب تأخر علاجها.
– 13 فبراير 2016 تعرضت الناشطة الحقوقية والاعلامية المعروفة احلام عون لمحاولة اغتيال بسيارة مرسيدس مجهولة ﻻ تحمل ارقام بعد خروجها من مبنى هيئة الاستثمار في صنعاء, وكانت نقابة موظفي هيئة اﻻستثمار التي ترأسها احلام قد دعت الى اضراب نتيجة تعسفات وتهديدات يمارسها مندوب اللجان الحوثية في الهيئة كما انها تشغل منصب أمين سر التنظيم الوحدوي الناصري باﻻمانة.
- 27 / 5 / 2016 تعرضت الصحفية نادرة عبدالقدوس محمد رئيس تحرير صحيفة 14 أكتوبر لحملة اعلامية تحريضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الاخبارية على خلفية استئناف صحيفة 14 اكتوبر لعملها. وكانت قد تعرضت في 6/2/2015م لحملة تشويه وتحريض من قبل مجهولين في عدة صحف ومواقع أخباريه تتبع جماعة الحوثي وذلك على خلفية ما ينشر في صحيفة 14 أكتوبر ضد الانقلاب على السلطة الذي حصل في العاصمة صنعاء.
*ورقة عمل مقدمة في ندوة بمجلس حقوق الانسان على هامش الدورة الثالثة والثلاثين للمجلس سبتمبر 2016