كشف تقرير رسمي صادر أواخر اكتوبر الماضي عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في صنعاء، الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي والمخلوع الانقلابية، أرقاماً مخيفة حول ارتفاع الدين العام الداخلي في اليمن، وتحول احتياطي البلاد من النقد الأجنبي إلى رصيد سالب خلال عامين من الانقلاب.
وبحسب التقرير، فقد ارتفع سقف الدين العام الداخلي من 3.1 تريليون ريال (12.7 مليار دولار) في يناير 2015م (السنة الأولى للانقلاب)، إلى 4.9 تريليون ريال (19.7 مليار دولار) في يناير 2017.
وأكد التقرير المرفوع من الجهاز لرئيس ما يسمى المجلس السياسي للانقلابيين، أن نسبة الدين العام الداخلي أصبحت (%85) من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، فيما وصل ارتفاع الرصيد القائم للسحب على المكشوف بنهاية العام 2016 إلى أكثر من 2 تريليون ريال يمني.
ووصلت أعباء الدين العام الداخلي، وفق التقرير، خلال عام 2016م إلى (768.9) مليار ريال، وبما نسبته (%81.5) من إجمالي الإيرادات العامة لتلك الفترة، بزيادة قدرها (56) نقطة عن المعايير الدولية المحددة.
وأظهر التقرير أن الاحتياطي الخارجي للبنك المركزي اليمني من العملات الأجنبية، تراجع من 4 مليارات و102 مليون دولار في 2014م، ليصل بنهاية العام 2015م إلى 847 مليون دولار.
وفي 2016، تم استنفاد الرصيد المتبقي، بجانب استخدام مبلغ (244.1) مليون دولار من الودائع والأرصدة المستحقة للغير لدى البنك المركزي، ليتحول رصيد احتياطي البنك المركزي بالسالب، أي حوالي (244.1) مليون دولار، بحسب التقرير، الذي نشره البرلماني الموالي للانقلابيين أحمد سيف حاشد.
وكان مسلحو المليشيا الانقلابية في أبريل 2015م قد اقتحموا البنك المركزي في صنعاء حاملين توجيهات ما يسمى بـ»اللجنة الثورية» بصرف مبلغ (6) مليارات ريال دعماً للمجهود الحربي، لكن محافظ البنك آنذاك محمد بن همام رفض الصرف. وذكرت صحف محلية حينها نقلاً عن مصدر في البنك المركزي قوله إن «المتمردين الحوثيين اقتحموا خزانة البنك، ونهبوا (23) مليار ريال، (107)ملايين دولارمن البنك، بدعوى دعم المجهود الحربي».
وفيما يتعلق بالايرادات كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن الإيرادات التي تصل إلى الانقلابيين في صنعاء، والتي بلغت (650) ملياراً و(700) مليون ريال خلال 9 أشهر فقط من العام الحالي، حيث كانت هذه الإيرادات كالتالي:
(88) مليار ريال إيرادات وزارة النفط، و(98) مليار ريال إيرادات وزارة الاتصالات، و(279) مليار ريال إيرادات ميناء الحديدة، و(80) مليار ريال إيرادات الجمارك، و(105) مليارات ريال إيرادات الضرائب، و(700) مليون ريال إيرادات وزارة الأوقاف.
ورغم كل هذه الإيرادات تواصل مليشيا الحوثي نهب التجار تحت مسمى «المجهود الحربي»، كما أنها فرضت زيادة سعرية»(جرعة) فوق أسعار المشتقات النفطية، بلغت أكثر من (%60). في الوقت الذي لا يجد فيه موظفي الدولة ما يغطي احتياجاتهم يواصل المشرفون الحوثيون بناء فلل وشراء أراضي بمليارات الريالات.
الزكاة والاتصالات.. أين أختفت الايرادات؟
وزير الاتصالات في حكومة الانقلابيين «جليدان» كشف في مؤتمر صحفي آواخر اغسطس الماضي أن قطاع الاتصالات ورد اكثر من (98) مليار ريال للخزينة منذ ديسمير 2016.
من جهته قال وزير مالية الانقلابيين «شعبان» إن «إيرادات الزكاة في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم تتجاوز 115 ملياراً في العام الواحد»، لكن المحصل منها فقط في حدود (15) مليار ريال.
وعلى ما يبدو فإن بقية المبلغ ذهب الى المليشيا الانقلابية.
فيما أعلنت مصلحة الواجبات التي يسيطر عليها الانقلابيون أن إيرادات الواجبات الزكوية خلال عام 2015م بلغت (10) مليارات و(556) مليوناً و(812) ألف ريال.
وبحسب تأكيد الحكومة الشرعية فقد أقدمت المليشيا الحوثية على السيطرة على إيرادات بلغت قرابة (981) مليار ريال العام الماضي 2016م.
ويرى خبراء أن ايرادات الاتصالات تكفي لصرف رواتب أربعة اشهر في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا، ناهيك عن الايرادات الضخمة من فارق اسعار المشتقات النفطية و التي تصل الى اكثر من (200) مليار شهرياً، فضلاً عن ايرادات الضرائب والجمارك.
إيرادات الجمارك
كشفت وثيقة رسمية عن سيطرة المليشيا الانقلابية على أكثر من (9) مليارات ريال شهرياً من ميناء الحديدة.
وفي الوثيقة الموجهة من مدير عام جمرك الميناء الخاضع لسيطرة الانقلابيين إلى موظفي الميناء والتي شكر فيها الموظفين، وكشف فيها عن إيرادات شهر يوليو الماضي والتي بلغت (9) ملياراتو(300) مليون و(913) ألف ريال.
في السياق ذاته نقلت وكالة سبأ الخاضعة لسيطرة الانقلابيين في بداية اغسطس الماضي عن قيادي حوثي أن المليشيا حصلت على (4) مليارات و(460) مليون ريال من إيرادات ترسيم المركبات والأليات بجمرك رقابة صنعاء حتى نهاية يوليو الماضي.
وقال مدير جمرك رقابة صنعاء علي حميد»: إن عدد الآليات والمركبات التي تم ترسيمها حتى نهاية يوليو بلغت (10) آلاف و(72) سيارة.»
كما بلغت إيرادات الجمرك نفسه خلال شهر يوليو الماضي (247) مليوناً و(72) ألف ريال من ترسيم (579) سيارة. إضافة الى (27) مليوناً و(153) ألف ريال من فوارق البضائع.
(877) مليار ريال في 2016
أقرت القيادات الحوثية في صنعاء -3 يوليو الماضي- بفقدان ما لا يقل عن (41.4) مليار ريال يمني شهرياً من الإيرادات المثبتة، ما يعني تورطهم في نهب (497) مليار ريال( (1.64 مليار دولارخلال 2016م.
ومعروف أن حجم الإيرادات السنوية للمناطق الواقعة تحت السيطرة الحوثية يصل إلى (48.4) مليار ريال شهرياً، فيما لا يقر التمرد سوى بـ(7) مليارات ريال شهرياً، ما يعني أن نحو (41.4) مليار ريال غير مسجلة في الكشوفات، ويتم صرفها عبر قنوات غير شرعية.
وفي سبتمبر الماضي كشف رئيس ما يسمى اللجنة العليا للرقابة التابعة للحوثيين علي العماد» أن الايرادات التي تحصلتها حكومة الانقلاب خلال 2016م تقدر بــ(877) مليار ريال وتم ايداعها في بنوك خاصة وحسابات خاصة، فيما لم يتم صرف مرتبات موظفي الدولة، حسب قوله.
وأشار العماد الى ان الإيرادات المحصلة بيد الانقلابيين خلال 2016م من بيع المشتقات النفطية وفوارقها (35) مليار ريال، وبلغت الضرائب والجمارك (500) مليار ريال.
كما كشف العماد عن تحصيل (98) مليار ريال ايرادات الاتصالات وأكثر من (112) مليار ريال ايرادات الحركة الملاحية في ميناء الحديدة الاستراتيجي خلال 2016م.
إيرادات السوق السوداء
في العاصمة صنعاء فقط يوجد 700 سوق سوداء معظمها على مداخل المدينة، فيجني الحوثيون كأقل تقدير من السوق السوداء (210) مليارات و200 مليون ريال) بما يعني خلال العام الواحد من خلال فارق (السعر فقط) بين الرسمي والسوداء مبلغ (819 مليوناً و780 ألف دولار.
وفي شهر سبتمبر الماضي كشف القيادي الحوثي علي العماد في مقابلة مع قناة المسيرة الحوثية» ان الإيرادات المحصلة بيد الانقلابيين خلال 2016م من بيع المشتقات النفطية وفوارقها (35) مليار ريال.
فيما كشف تقرير أممي، عن جني مليشيا الانقلاب، ما يزيد عن مليار دولار، من عائدات بيع المشتقات النفطية في السوق السوداء في مناطق سيطرتها، واعترف وزير التجارة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها عبده بشر أن اسطوانة الغاز المنزلي تباع بثلاثة أضعاف سعرها الحقيقي، رغم اعترافه أن سعر اسطوانة الغاز المنزلي (1026) ريالاً مشتراة من مصافي مارب، مضافاً إليها أرباح التجار واتاوات المليشيا، تصل الى (2000) ريال، لكنها تباع في السوق السوداء بالمناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين بأكثر من (5000) ريال.
وكشفت معلومات دقيقة من مسؤولين بالقطاع النفطي، ووثائق نشرها الصحفي المستقل محمد العبسي –الذي مات مسموماً في صنعاء- أن المشتقات النفطية وحدها تعطي إيراداً للحوثيين بشكل سنوي حوالى مليار و(250) مليون دولار؛ ما يقرب من (104) ملايين و(167) ألف دولار شهرياً، وبشكل يومي (3) ملايين و(472) ألف دولار، في المحافظات الخاضعة لسيطرتهم.
وأفاد فريق خبراء تابع للأمم المتحدة، في يونيو الماضي، أن الحوثيين جنوا ما يصل إلى (1.14) مليار دولار من توزيع الوقود والنفط في السوق السوداء، وأن الوقود كان أحد المصادر الرئيسية لإيرادات الحوثيين، وفق ما نقله تقرير نشرته مؤخراً منظمة هيومن رايتس ووتش.
مليار دولار زيادة في قرار التعويم
وبحسب اقتصاديون فإن جماعة الحوثي تحصد خلال العام الواحد 136 ملياراً و663 مليون ريال من زيادة البنزين في قرار التعويم.
وفي عام ونصف ستحصل المليشيا على204 مليارات و945 مليون ريال ما يقارب 9 مليوناً و780 ألف دولار، هذا فقط خلال المدة بين يوليو 812015م -عند صدور قرار التعويم- إلى ديسمبر 2016م.
ومنذو سيطرتهم على مؤسسات الدولة عملت مليشيا الانقلاب إلى تدمير الاقتصاد الوطني ونهب كافة موارد الدولة وهو ما أدى إلى نتائج كارثية أنعكست اثارها على المواطنين الذين يواجهون شبح الجوع بعد أن نهبت المليشيا رواتبهم وأنهت على فرص العمل وأوقفت جميع المجالات الحيوية التي كانت تمثل دخلاً رئيسيا يعيش عليه الملايين من اليمنيين.
خلاصة القول
ومن خلال ما سبق نجد أن المليشيا الانقلابية تحصل على إيرادات في العام الواحد ترليون و292 مليار و500 مليون ريالأكثر من 5 مليارات دولار أمريكي على حساب صرف الدولار 250 ريالاً عامي 2014 – 2015م، حيث تبلغ الايرادات العامةالضرائب والجمارك، والاتصالات، اضافة الى إيرادات شركتي النفط والغاز، والواجبات الزكوية، علاوة على إيرادات الاوقاف والمصالح الخدمية الأخرى 882.3 مليار ريال، فيما تبلغ إيرادات السوق السوداء 210.2 مليارات ريال، إضافة الى فارق سعر تعويم البنزين البالغ أكثر من 200 مليار ريال.
أي أن إجمالي ما حصلته المليشيا الانقلابية من الإيرادات العامة في ثلاث سنوات منذ انقلابها على الشرعية الدستورية وسيطرتها على مؤسسات الدولة بقوة السلاح في 2014م، بلغ 3 تريلونات و900 مليار ريال يمني،ما يقارب 12 مليار دولار أمريكي.ناهيك عن المبالغ التي يتم تحصيلها من خلال نهب المساعدات الانسانية مشتقات نفطية، اغاثية، غذائية، ايوائية، ادوية وبيعها في السوق السوداء، والمبالغ المفروضة على التجار ورجال الأعمال التي تذهب الى جيوب المليشيا الانقلابية مباشرة تحت مبرر دعم ما يسمى بالمجهود الحربي، وكذا الاتاوات والجبايات الأخرى غير القانونية، منها على سبيل المثال «التبرعات الشعبية لصالح المجهود الحربي ودعم البنك المركزي.