في كل جزء من مدينة تعز يتربص فيه قناص أو قذيفة دبابة أو صاروخ كاتيوشا أو طلقة مدفع، الرصاص والقذائف تنهمر على المدنيين من حيث لا يدرون وبدون تحذير.
تمثل تعز العنوان الأوضح لجرائم الانقلابيين، حيث فرضت المليشيا الحوثية سيطرتها على المداخل والقطاعات الخدمية الضرورية، مخلفة دمارًا شاملًا طال كل شيء.
جرائم وانتهاكات مروعة ارتكبتها مليشيا الحوثي وصالح استخدمت فيها كافة أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، مستهدفة المناطق الآهلة بالسكان، حيث كشف تقرير صادر عن المركز الإنساني للحقوق والتنمية في تعز منذ 25 مارس 2015م وحتى 30 نوفمبر 2015م، قتلت المليشيا (1535) مدنياً بينهم (221) طفلاً و(112) امرأة، و(8787) جريحاً، و(221) حالة اختطاف، إضافة الى إنشاء (14) سجناً، وتفجير (25) منزلاً، وتضرر (1561) منزلاً، واقامة (25) حاجزاً ونقاط تفتيش لمنع دخول متطلبات المواطنين للمدينة. اضافة الى (38) حالة انتهاك لحرية الصحافة في المحافظة.
قمع المتظاهرين
في 22 مارس 2015م اطلق حوثيون النار على متظاهرين ما أدى لمقتل متظاهر واصابة (5) آخرين. وفي 24 مارس، قتل (5) متظاهرين على يد الحوثيين وأصيب (80) آخرين، إضافة الى مقتل (3) متظاهرين وإصابة (12) آخرين في مدينة التربة جنوب تعز. فيما قتل (3) مدنيين أثناء قصف المليشيا العشوائي على محيط معسكر اللواء 35 مدرع في 18 أبريل 2015م.
فيما أكدت منظمة الصحة العالمية في 26 أبريل أن نحو (20) مدنياً قتلوا نتيجة تعرض مستشفى الثورة للقصف من قبل المليشيا.
من جهته أفاد مكتب المفوض الأممي السامي لحقوق الإنسان أن أعمال القصف والقنص من قبل الحوثيين قتلت في النصف الثاني من أغسطس 2015م (42) مدنياً على الأقل في أحياء تعز.
اغتيال الطفولة
في أبشع جريمة جديدة تضاف لسجل المليشيا الانقلابية المثقل بشتى أنواع الانتهاكات وجرائم الحرب ضد الطفولة والمدنيين منذ انقلابهم على الشرعية، أقدم قناص حوثي، مساء الأحد 12 نوفمبر الحالي، على قتل طفل معاق في منطقة «المربعة» شمال شرقي جبل هان، غرب تعز، وقال مصدر طبي في تعز إن الطفل المعاق «زكريا عبدالحميد حميد محمد»، (16 عاماً)، تعرض لطلقة نارية أصابته في الظهر، ما أدى إلى وفاته على الفور.
وفي 13 اكتوبر الماضي أستهدف قناص حوثي وبشكل مباشر رضيعة لا يتجاوز عمرها عاماً ونصف العام، برصاصة اخترقت جسدها وأردتها قتيلة على الفور. وأوضحت مصادر محلية، في محافظة تعز أن الطفلة «منية بشير»، قتلت برصاصة قناص حوثي من الانقلابيين المتمركزين في التبة السوداء بالضباب غرب مدينة تعز.
وفي تقرير حديث أعلن التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الانسان أن المليشيا الانقلابية وخلال ثلاث سنوات استخدمت جميع أنواع الأسلحة لقصف الأحياء السكنية والقرى في محافظة تعز، ونتج عن هذا القصف العشوائي (2104) أطفال بينهم (300) قتيل و(1804) جرحى منذ أبريل في 2015م.
وقال التقرير الموسوم بـ«أطفال اليمن في مرمى النيران»: إن (48) طفلاً قتلوا، فيما اصيب (193) طفلاً منذ مطلع العام 2017م الجاري.
سقط (830) طفلاً بين قتيل وجريح في محافظة تعز، وبحسب التقرير الصادر عن مجلس تنسيق النقابات ومنظمات المجتمع المدني في تعز أكد أن (10) آلاف طفل فقدوا والديهم، وأكثر من (2000) طفل فقدوا أقارب لهم.
وذكرت المحامية والناشطة إشراق المقطري في مؤتمر صحفي، أن هذه الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت بحق الأطفال في تعز، تمت خلال الفترة من 15 مارس 2015م وحتى 30 سبتمبر 2015م. وتنوعت بين قتل وإصابة واختطاف وتشريد وحرمان من التعليم ومنع وصول العلاج والغذاء والماء إليهم. وأضافت: «الأرقام والإحصائيات التي أوردها التقرير تؤكد أن (194) طفلاً قتلوا على يد مليشيا الحوثي وصالح في مدينة تعز، بينهم (104) ذكور و(51) أنثى، مشيرة إلى أن مسلحي الحوثي استخدموا الأحياء السكانية دروعاً بشرية هرباً من ضربات التحالف العربي الجوية، لافتة إلى أنه بلغ عدد الأطفال الذين قتلوا برصاص قناصة المليشيا (38) طفلاً بينهم (33) ذكراً و(5) إناث طبقاً للتقارير الطبية الصادرة عن المستشفيات التي أسعفوا إليها».
وطبقاً للمقطري فإن تقارير طبية تشير إلى أن (3) طفلات بينهن طفلتين من أسرة واحدة توفين نتيجة الخوف والفزع الذي أثارته منصات صواريخ الكاتيوشا ومدافع الهاوزر القريبة من مقرات سكنهن في منطقة الحوبان شرق المدينة، واصابة (635) طفلاً، بينهم (405) أطفال أصيبوا جراء القصف المتعمد للأحياء السكنية من قبل المليشيا.
«لا تقبروناش»
ببراءة طفل ينشد الحياة ويكره الرحيل، متوسلاً بصوت هادئ للأطباء: «لا تقبروناش».
«لا تقبروناش» هي صرخة ضد الحرب وعنواناً للإصرار على حق الطفولة في العيش الآمن، والتمسك بالحياة حتى الرمق الأخير.. لكنها لم تسعفه في هزيمة الموت.. رحل عن الدنيا، ولسان حاله يقول: «ما زلت طفلاً، لا تبعدوني عن حضن أمي وخبزها، لا أستطيع الموت وحدي، ولا أطيق النوم تحت التراب».
«لا تقبروناش… لا تقبروناش» (لا تدفنوني) عبارة واحدة تمتمها الطفل فريد شوقي الذماري (6 أعوام) بصعوبة في المستشفى الذي نقل إليه لتلقي العلاج مع (4) أطفال آخرين، قبل أن تعلن وفاته في 17 أكتوبر 2015م، متأثراً بشظية اصابته في رأسه في 13 من الشهر نفسه، عقب قصف تعرضت له أحياء سكنية في مدينة تعز.
بصوته أبكى الطفل فريد ملايين اليمنيين وهم يشاهدون صرخات استغاثته الطفولية البريئة في مقطع الفيديو الشهير الذي التقط له في المستشفى، والذي ظهر على قنوات فضائية، وهو مستلق على أحد الأَسّرة، ينشد الحياة، لكن صرخته لم تفلح في إنقاذه من الموت، ففارق الحياة، وبقيت كلماته كالنار في الهشيم، على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الشارع اليمني حتى اليوم.
جرائم حرب
القصف الممنهج الذي تمارسه مليشيا الحوثي وصالح على المساكن والأسواق بشكل يومي نتج عنه ما يقارب الـ(1529) قتيلاً، منهم (221) طفلاً و(6) آلاف جريح.
من جهتها أعلنت عدد من منظمات المجتمع المدني في تعز في تقرير لها عن الانتهاكات التي ارتكبتها المليشيا الانقلابية خلال الفترة من 24/3/2015م وحتى 17/1/2016م، عن مقتل (1251) مدنياً بينهم (208) نساء، و(285) طفلاً، و(9738) جريحاً، بينهم (1129) امرأة و(1021) طفلاً.
وأشار التقرير إلى أن المليشيا ارتكبت (14) مذبحة بصواريخ الكاتيوشا ومدافع الهاون استهدفت الأسواق الشعبية، وعدد من المنازل واختطفت (195) مواطناً وأخفتهم قسرياً. وأكد التقرير أن الحرب التي شنتها مليشيا الحوثي وصالح أسفرت عن تدمير أكثر من (1600) منزل ومنشأة خاصة وعامة.
مساء 20/8/2015م وبحسب إحصائيات طبية قتل (12) مدنياً بينهم (3) أطفال من أسرة واحدة، واصابة (22) آخرين بينهم (13) طفلاً وامرأتين، بقذائف عشوائية أطلقتها المليشيا الانقلابية على حي عصيفرة، بالتزامن مع قصف مكثف على أحياء متفرقة في المدينة.
ففي 24/8/2015م قتل (20) مدنياً، منهم (7) نساء و(3) أطفال، وعشرات الجرحى بينهم نساء وأطفال في أحياء الكوثر وشارع جمال وعصيفرة وسط المدينة، نتيجة قصف مكثف من قبل المليشيا الانقلابية بصواريخ الكاتيوشا، وسقط أحد هذه الصواريخ على منزل سكني في شارع جمال أسفر عن مقتل (7) نساء وإصابة امرأتين وطفلين. بحسب مصادر طبية محلية.
وقالت مصادر محلية: إن مليشيا الحوثي وصالح قصفت حي المسبح الأسفل وسط المدينة يوم 21/9/2015م، أسفر عنه سقوط (3) مدنيين، بينهم طفلان. وقبلها بيومين قصفت المليشيا مركزاً تجارياً بقذائف الهاون، أسفر عن سقوط العشرات بين قتيل وجريح، بينهم ونساء وأطفال.
مذبحة الكاتيوشا
ومن بين عشرات الانتهاكات لحقوق الانسان في المدينة، والتي اقترفها الحوثيين، تبرز واقعة «مذبحة الكاتيوشا» كجريمة حرب كبرى، حيث تعرضت العديد من الأسواق الشعبية والأحياء السكنية في 21/11/2015، للقصف بنحو (20) صاروخ كاتيوشا في غضون 3 دقائق أسفر عن مصرع (35) مدنياً واصابة أكثر من (100) أخرين معظمهم من النساء والأطفال.
كما ارتكبت مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، مساء 7/12/ 2015م، مجزرة أخرى بحق المدنيين راح ضحيتها (4) قتلى و(11) جريحاً، إثر سقوط قذيفة هاون أطلقها الحوثيون على منطقة دوار سنان بحي عصيفرة، وسط المدينة.
كما قتل (3) مدنيين وجرح (21) آخرين يوم 26/12/2015م في قصف مدفعي وصاروخي شنته مليشيا الحوثي وصالح على أحياء ثعبات وعصيفرة وكلابة والثورة والدحي. إضافة الى شن المليشيا المتمركزة في مديرية حيفان جنوب المدينة قصفاً صاروخياًً على مدينة التربة جنوب غرب المدينة بثلاثة صواريخ.
(60247) امرأة تعرضن للانتهاكات
أكثر من (60247) امرأة في محافظة تعز تعرضن لانتهاكات من قبل مليشيا الحوثي وصالح، توزعت بين قتل وجرح واعتداءات وإعاقات ونزوح وأضرار نفسية وحرمان من التعليم.
وأكدت إحصائيات حقوقية محلية أن مليشيا الحوثي وصالح قتلت (207) نساء، وجرحت (1481) أخريات في تعز منذ بدء عملياتها العسكرية ضد المحافظة منذ مارس 2015م وحتى منتصف نوفمبر 2016م.
ولفتت الاحصائيات الى أن مراكز الغسيل الكلوي في مستشفيات تعز استقبلت (120) امرأة تعرضن للإصابة بالمرض منذ مطلع العام الجاري، كما تعرضت (1365) امرأة للإصابة بمرض السرطان خلال الفترة نفسها. إضافة إلى أن (13325) امرأة من أصل (23491) نسمة نزحوا من مديريات الوازعية، الصلو، حيفان، وتعرضن لأصناف شتى من الابتزاز والتحرش والتفتيش اليومي للهويات الشخصية، وإكراههن بقوة السلاح على النزوح من مسقط رأسهن. بالاضافة الى حرمان (44884) فتاة من التعليم، إضافة الى (64) حالة إجهاض بسبب الرعب من القصف اليومي.
ففي مديرية الصلو قتلت المليشيا الانقلابية (9) نساء، وجرحت (16) امرأة، جراء القنص والقصف والالغام الأرضية التي زرعتها، منذ سيطرتها على المديرية قبل عام ونيف.. حيث قتلت امرأتان وأصيبت أخريات يوم 29 أكتوبر 2017م، جراء قصف مدفعي على نساء كن في أحد الحقول بقرية «أعماق» في المديرية، لحصاد الزرع (الذرة)، عندما استهدفتهن قذائف مليشيا الحوثي الانقلابية.
تقارير إعلامية محلية أوضحت أن الكثير من النساء يدفن في القرى المجاورة لتعز بسبب كثرة تساقط القذائف أثناء الليل ولذا لا تصل كثيرات من الضحايا إلى المستشفيات.
وتزيد من صعوبة اليمن، الحرب الدائرة في البلاد، منذ خريف 2014، بين القوات الحكومية والمقاومة الشعبية مدعومة بتحالف عربي، من جهة أخرى، وتحالف الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، الذي يسيطر بقوة السلاح على عدد من المحافظات، من جهة أخرى، مخلفة أوضاعًا إنسانية صعبة، فضلًا عن تدهور حاد في اقتصاد البلد الفقير.