استبشرنا كثيراً بعودة الحكومة الى عدن لممارسة مهامها الطبيعية رغم علمنا جميعاً أن الأوضاع هناك ليست طبيعية ، لكن القرار الشجاع الذي اتخذه رئيس الجمهورية بعد اجتماعات مكثفة بكثيرٍ من القيادات اليمنية البارزة والذين هم من أصحاب المشورة والفكر السياسي الذين تأكد لهم أنه لا يمكن لوضعنا العام أن يستقر في المناطق المحررة الا عندما تكون الحكومة والقيادة السياسية للبلد تعيش جنباً الى جنبٍ مع المواطن اليمني في تلك المناطق .
اعلم أيضاً أن تلك القيادات لن تعاني مثلما يعاني المواطن لكنها ستعاني بطريقة أخرى، ستعاني عندما تحاول جاهدةً أن تشق لنا طريقاً آمناً في وسط الحقول اليمنية الخضراء الملغمة بكل الأحقاد والمآسي والمتاعب والمشاكل الجمة التي تراكمت خلال السنوات الماضية والتي ساهم بعض القاصرين السياسيين في صنعها من أجل أن يحظوا بشعبياتٍ مزيفة .
الرئيس هادي غادر ايضاً الى المانيا وكان الوعد أن يعود الى عدن عاصمة كل اليمنيين المؤقتة ليشارك هو بذاته في قيادة المركب اليماني المثقل بالهموم الوطنية التي تنهال عليه يوماً بعد يوم . إن من أكبر المشاكل التي يواجهها هادي كرئيس توافقي ( وهذا من وجهة نظري الشخصي )هو المحاصصة العقيمة ومحاولاته لم الشتات الحزبي المنقسم على الأرض والانسان والذي لم يخلف الكثير من الإنجاز للمجتمع اليمني لا سابقاً ولا حالياً ، لأن التقاسم لا يولد المنافسة الشريفة في بناء الوطن بقدر ما يولد حب الذات والمحاولة للاستئثار بما تحت الحزب هذا او ذاك من مصالح مختلفة شخصية او حزبية لبناء الحزب وليس لبناء الوطن .
وأعتقد أن التعينات التي أثرت على شخص الرئيس رغم انها صدرت ممن هم دونه من مسؤولين كانت من أكثر الأشياء إثارةً لحفيظة اليمنيين، الا ان أغلبنا فوق هذا قدرنا الوضع الراهن ولم نسمح بفضل الله لأصحاب المكائد ان يدسوا انوفهم في هذا الأمر الذي تنبه له هادي وقد تم الإعلان منه على تصحيح مسار الحكومة بعد عودته أن شاء الله من المانيا . التعديلات في الحكومة اليمنية التي سمعنا عنها قد تطال كل تلك الوزارات التي لم يستطيع قادتها على تقديم ولو حتى اليسير من الخدمات للمواطن اليمني في تلك المناطق التي تحررت من ايدي الانقلاب العفن. عاش المواطن في تلك المناطق بعد فرحه بالتحرر في كآبة المكان وبئس الحال . لأن من تسلموا زمام الأمر بعد طرد الميليشيات المنقلبة علينا لم يقدموا شيئاً لنا مما انعكس سلباً على المواطن اليمني ، وهذه الحالة قد تجعله يبحث عن حلولٍ أخرى حتى ولو خارج إطار الشرعية ، لأن الإخفاق فيه تقزيم للشرعية ولوجودها على أرض الواقع رغم وجود الأشقاء الى جانبها في هذه الحقبة الزمنية السوداء .
نحن نعيش معاً في قارب واحد القيادة والحكومة والشعب، جميعنا نعيش في ظل أهدافٍ واحدة ، ونحن أكثر من يعاني بشتى المعاناة التي يتخيلها العقل البشري ، نحن الذين رضينا البقاء على مركب الوطن الذي يقوده هادي لإيماننا أنه القادر على قيادة المرحلة ،والمخول دستوراً والمخول بناءً على التوافق اليمني والدولي وعلى المبادرة الخليجية التي اعتقت المجرم من عقاب يستحقه ولكنه أبى الا أن يسطر الخيانة الوطنية بأوضح وأقبح صورها .
نحن نعلم أيضاً أن الرئيس يتعرض لضغوطٍ كثيرةٍ عند التعيينات ويدرك الكثير أن الترشيحات التي تقدم اليه لشغل المناصب الوزارية أو التعينات أياً كانت تكون غالباً من الأحزاب أو من المستشارين الذين يثق بهم هادي والذي يجب عليهم الا يخونوا تلك الثقة.
لكن المؤلم أن تكون هناك كوادر يمنية راقية علمياً وفكرياً وعندهم القدرة على الأداء الوظيفي بشكل كبير ولكنهم مقصيين قسراً او دون قصد عن تولى الوظيفة العامة لا لشيء ولكن لأنهم لا يتنموا الى أحزاب معينة او لا ينتموا الى الأحزاب عموما .
ايها الرئيس اعلم بأننا جميعاً معك على سفينة اليمن التي تبحر بها في خضم بحر متلاطم من المصائب والكوارث والمآسي المختلفة ، ولأننا نحبك ولا نطلب منك شيء لذواتنا فإنا نأمل ان تمد عينيك الى أولئك المخلصين من أبناء اليمن الذي يمكنهم أن يكونوا عوناً حقيقيا لك في الجهود الحثيثة للخلاص من الكابوس الذي نعيشه معاَ . هل تدرك ايها الرئيس ماذا نعنيه بقولنا كلنا معك.
نحن الذين صبرنا على الموت الذي قاده الانقلاب واختطف أبنائنا والجوع الذي أدمى أجسادنا والمرض الذي حاول هدنا والفاقة التي حاولت كسرنا، لكننا لم ننهزم لأننا لو انكسرنا ستنكسر معنا كل المعاني والقيم الشرعية التي نؤمن بها لأنا نحن الوطن ونحن الشرعية.
أيها الرئيس القائد تذكر بأننا أيضاً معك..