الآن بعد الصاروخ الإيراني الذي أطلقه الحوثيون في اتجاه الرياض واصطادته المضادات الصاروخية السعودية، لم يعد الحديث عن الدور المباشر الذي تلعبه إيران في حرب اليمن مجرد تخمينات.
ها هي إيران تعلن عن مشاركتها الفعلية في حرب أشعلتها عن طريق مواليها من جماعة الحوثي لينضم إليهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح ممنيا النفس باستعادة ملكه.
من المؤكد أن ذلك الصاروخ الباليستي كان رسالة إيرانية إلى الرياض، غير أن تلك الرسالة أخطأت أهدافها المرسومة من قبل النظام الإيراني.
الخطأ الذي ارتكبته إيران والذي قد يكون قاتلا هو أنها اعترفت أن مخاوف العالم من تطويرها لبرنامج أسلحتها الباليستية هي على درجة كبيرة من الصواب.
تلك الصواريخ تشكل إذا خطرا على المنطقة وعلى العالم. وهو ما وضعته إيران بنفسها على طاولة الاعتراف أمام العالم.
لقد صار جليا السبب الذي من أجله يقف العالم ضد حيازة إيران أسلحة من النوع الذي يهدد سلامته. ذلك لأن إيران دولة غير راشدة تقودها عصابة عمياء لا تعترف بالقوانين الدولية، وهي تنظر إلى أسلحة الدمار الشامل باعتبارها دمى أطفال أشرار يمكن أن تنقلها من مكان إلى آخر.
إيران في ظل العمائم هي دولة لا تشعر بالمسؤولية، وهي دولة خرافات لا يمكن جرها إلى حوار منطقي مبني على أساس تفاهمات مشتركة تقوم على أساس العقل.
لا تفهم إيران لغة العالم المعاصر. إنها جزيرة معزولة تسعى إلى بناء جسور مع العالم الخارجي من خلال عصاباتها التي هي أذرعها التي نشرت الفوضى في أنحاء عديدة من العالم العربي.
الصاروخ الذي انطلق من اليمن في اتجاه الرياض هو في حقيقته رسالة إلى العالم. رسالة واضحة تؤكد إيران من خلالها أن خطرها صار جديا وأن أي نظرة غير جادة إلى الموضوع ستقود إلى كارثة مؤكدة.
بعد الصاروخ الإيراني سيكون الموقف العالمي مختلفا.
حرب عالمية على إيران ستؤدي إلى تحطيم دولة وتدمير شعب مثلما حدث للعراق وأفغانستان هو ما لم يعد مقبولا دوليا.
المطلوب إذن، وهو ما صار اللجوء إليه ضروريا من أجل السلام العالمي، أن يتم قطع أذرع إيران الممتدة إلى خارجها، وذلك من خلال قطع طرق الإمداد عليها على تلك الأذرع التي صارت تعبث على هواها بالسلم العالمي.
فليس من المعقول أن تظل طرق تمويل جماعات إرهابية بالسلاح سالكة في ظل هذا التحول الخطير الذي تمثل في مشاركة إيرانية فعلية في الحرب اليمنية.
إيران هي العدو في اليمن. وهي ليست عدوا محتملا بل هي العدو الذي لم يعد قادرا على إخفاء حقده ولؤمه وشروره.
ألا يعد ذلك الصاروخ إعلان حرب على المملكة العربية السعودية ومن خلالها على العالم؟
أعتقد أن علينا ألا نبسط الأمور فنعتبر تلك الحماقة الإستراتيجية مجرد خطأ تكتيكي في الحرب.
لقد أعلنت إيران حربها على العالم. أهذا ما كانت الولايات المتحدة تنتظره؟
من وجهة نظري الشخصية فإن إيران ما كان لها أن تتمدد في المنطقة بالطريقة البشعة التي فعلتها لولا سياسات الإدارات الأميركية الغامضة التي أدت إلى انهيار جزء مهم من العالم العربي، وكان ذلك انتصارا للمشروع الإيراني الذي هو النسخة الشيعية من المشروع الإسرائيلي.
الولايات المتحدة تقف حائرة اليوم بين إسرائيل وإيران.
لقد استغلت إيران تلك الفجوة في العقل السياسي الأميركي من غير أن تنتبه إلى أن إسرائيل لم تستعمل في حروبها أسلحة الدمار الشامل.
لو أن إيران أطلقت صاروخها وهي في حالة دفاع لكان ذلك الأمر مفهوما. أما أن تطلقه من أجل أن تستعرض نفوذها في اليمن، ومن أجل أن تستعرض قوتها أمام السعودية، فذلك ما يشكل علامة استفهام كبيرة، صار على العالم أن يقف أمامها بوجوم، ويرد عليها بصلابة ووضوح.
بعد صاروخها الحوثي الموجه نحو الرياض انتقلت إيران بنفسها إلى موقع لن تنجو فيه من العقاب.
*نقلا عن صحيفة “العرب”