خلال الأيام الخمسة الماضية، تمكنت قوات الجيش الوطني من التقدم والسيطرة على عدد من المواقع والتلال، والقرى أيضا، منها جبل الحلاتين وجبل العظيمة وقاع الحطب، وفي وقت سابق، مواقع سد بني بارق والنعيلة وجبال ضبوعة، والنشامة وصولا إلى القعيد الواقعة بين منطقتي ضبوعة وقطبين، يمين الجبهة، بينما وصلت قوات الجيش إلى مشارف قرية المديد، في ميسرة الجبهة بعد تحرير منطقة بيت البوري وتباب أخرى، بينما تستمر المعارك الشرسة على امتداد 14 كيلومتر، بإسناد جوي دقيق من قبل طيران التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.
تقدم نوعي
وتعليقا على هذه الانتصارات التي حققها الجيش الوطني في نهم، أفاد اللواء الركن سمير الحاج، قائد قوات الاحتياط، إن هذه الانتصارات تمثل امتدادا للانتصارات السابقة التي تحققت في مختلف الجبهات.
وأضاف، في تصريح لـ “سبتمبر.نت”، بأن أهمية الانتصارات التي تحققت في نهم، تكمن في كون هذه الجبهة من أهم الجبهات، كما أن التقدم في هذه الجبهة يكتسب أهميته كونها أقرب الجبهات إلى العاصمة، التي هي أحد أهم الأهداف الاستراتيجية للجيش الوطني والشرعية.
ولفت “الحاج”، إلى أن تقدم الجيش في نهم، يعتبر مؤشر مهم على اهتزاز وضعف الجبهة الرئيسية للانقلاب (نهم)، مبينا أن سقوط نهم، يعني انهيار جميع الانقلاب في تعز والحديدة والضالع وشبوة.
وأكد الحاج لصحيفة “26 سبتمبر”، أن المعركة في نهم تسير حسب خطط مرتبة، ومحكمة، وبإشراف مباشر من رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، ونائبه، الفريق علي محسن صالح، ورئيس هيئة الأركان العامة اللواء طاهر العقيلي.
وأوضح قائد قوات الاحتياط، اللواء الحاج، أن الجيش الوطني على أعتاب مرحلة جديدة، في أدارة المعركة مع الانقلابيين، وبما يضمن تحقيق النصر العاج والناجز، والوصول إلى قلب العاصمة صنعاء.
إشراف رئاسي
ونظرا لأهميتها، حظيت العمليات العسكرية الجارية في نهم، باهتمام بالغ من قبل القيادة السياسية للشرعية، حيث يشرف نائب رئيس الجمهورية الفريق الركن علي محسن صالح، شخصيا على سير المعارك، إلى جانب رئيس هيئة الأركان اللواء طاهر العقيلي.
وفي هذا السياق، قام الفريق علي محسن بزيارة إلى الخطوط الأمامية بجبهة نهم، اطلع خلالها على سير المعارك، وما حققوه من تقدم، كما أكد للمقاتلين أن المعركة مستمرة حتى تحرير العاصمة وبقية المناطق من الانقلابيين.
كما عقد الفريق محسن، اجتماعا لقيادة المنطقة العسكرية السابعة، حثهم خلاله على مواصلة العمليات العسكرية، كما دعا إلى انتفاضة واسعة في المؤسسات العسكرية والأمنية ضد الحوثيين.
الفريق محسن، أيضا أطلع الرئيس عبد ربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، على الانتصارات التي تحققت، والذي بدوره طالب بمواصلة العمليات وفقا للخطط المرسومة لاستعادة الوطن وهزيمة الانقلاب.
خسائر النخبة الانقلابية
خلال الأيام الماضية، تحولت نهم إلى ما يشبه الثقب الأسود الذي يبتلع مزيدا من قتلى الحوثيين، حيث اعترفت المليشيا الانقلايبة، بمقتل عدد من قياداتها، المنتمين للأسر الهاشمية، منهم من آل الكبسي، والمتوكل، والمؤيد، وآخرين، إضافة إلى مقتل قيادات بالقوات الموالية للرئيس السابق، منهم قائد الكتيبة الأولى باللواء الثالث حرس جمهوري، العميد علي الأعجم.
وأوضحت مصادر محلية، أن خسائر المليشيا الانقلابية، تزايدت خلال الأيام الماضية، حيث سقط فقط من مديرية الحيمة الخارجية، أكثر من 12 قتيلا في صفوفها، في حين استقبلت مستشفيات العاصمة صنعاء، جثث عدد كبير من قتلى المليشيا، غير الجثث التي تم دفعنا في مقابر متفرقة بمديريات محافظة صنعاء، وأمانة العاصمة، وكذا عمران وصعدة وذمار.
وخلال الأيام الماضية، تداول الحوثيون صور بعض قتلاهم الذين سقطوا في نهم، خصوصا من الأسر الهاشمية، بينما تشهد الجبهة تسرب مستمر للمقاتلين الحوثيين، بسبب شراسة المعركة، وطبيعة العمليات التي ينفذها الجيش الوطني، والتي أصبحت على قدر كبير من الاحترافية والفاعلية العملياتية.
فقدان التوازن
أصاب التقدم الكبير الذي حققته قوات الجيش الوطني في نهم، الانقلابيين بصدمة كبيرة، كونها جاءت بعد فتور شهدتها الجبهة، منذ عدة أشهر.
كما أن التقدم جاء بعد حالة استنزاف كبيرة تعانيها المليشيا الانقلابية في صفوف مقاتليها، وأيضا في ظل استمرار الرفض الدولي والإقليمي للتعامل معهم، وفشل رهانهم على حلفائهم الدوليين، والمعطى الإنساني، والمعيشي الذي تعودوا على استغلاله للضغط على التحالف والشرعية لإيقاف الحرب.
ولعل الأهم فيما يتعلق بالانتصارات التي يحققها الجيش في نهم، هو تزامنه مع تزايد الخلافات بين طرفي الانقلاب، والتي وصلت ذروتها مؤخرا، باستهداف الحوثيين للمخلوع وأنصاره.
وبدأ طرفي الانقلاب، بتبادل الاتهامات بينهما، بالوقوف وراء الانهيارات في نهم، حيث اتهم ناشطون حوثيون، صالح بالتسبب في تراجع قواتهم في نهم، بالرغم من محاولات إعلام الانقلاب تصوير المعارك في نهم، على أنها معارك طبيعية، وتسير وفقا لمخططاتهم.
ومما لا شك فيه أن التحرك في جبهة نهم، سيعمق الشرخ بين شريكي الانقلاب، وهو الشرخ الذي أصبح يتسع يوم بعد آخر، بسبب بروز أجندة كل طرف، على حساب الآخر.
قيمه نهم
مديرية نهم هي أولى مديريات محافظة #صنعاء من جهة مأرب وبوابة العاصمة الشرقية، تتجاوز مساحتها 1841 كلم مربع، (أربعة أضعاف مساحة العاصمة أي أنها أكبر بأربع مرات من مساحة العاصمة ذاتها، وتتميز جغرافيتها بسلاسل جبلية وعرة تطل مباشرة على العاصمة.
وتبعد عن وسط صنعاء حوالي 60 كلم، ويبلغ عدد سكانها قرابة 41502 نسمة، بحسب آخر تعداد سكاني في العام 2004.
وتحاذي “نهم” مديرية أرحب، البوابة الشمالية للعاصمة (يشكلان معا ثلث محافظة صنعاء بأكملها)، ومحافظتي مأرب والجوف (شمال شرق صنعاء)، ومديرية بني حشيش، أولى مناطق العاصمة، وبموقعها الاستراتيجي الهام، يرى مراقبون عسكريون أن استكمال تحريرها سيكون معركة “صنعاء” الأخيرة ضد ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية.
ويبررون ذلك بأن معارك ما بعد “نهم” ستكون أسهل بكثير وليست بذات التعقيد الجغرافي الجبلي الوعر الذي يؤخر حسم المعركة ويؤدي إلى تباطؤ التقدم الميداني، مشيرين إلى أن الميليشيات الانقلابية تدرك ذلك جيدا وتستميت بكل ثقلها للدفاع عما تبقى من مديرية نهم، وهي واحدة من أبرز قبائل طوق صنعاء.
وبالسيطرة عليها -وفق عسكريين- سينقطع الإمداد عن الحوثيين الذين مازال لهم وجود في مديرية صرواح بمأرب، وقطع أي إمداد قادم من المناطق الجنوبية عن صنعاء، ما يسرع من عملية تحرير العاصمة.
وتقدر مصادر ميدانية غير رسمية، أن حوالي 90 بالمئة من مساحة مديرية نهم بات تحت سيطرة الجيش الوطني، وارتفعت أكثر من ذلك مع التقدم الميداني المستمر خلال الأيام الماضية.
مؤشرات حسم وشيك لمعركة “نهم”
يبدو أن استكمال تحرير “نهم” بات وشيكا جدا، وهو ما يتضح من التقدم الميداني والسيطرة الكبيرة للجيش الوطني على أجزاء واسعة في وقت قياسي، تحت غطاء كثيف من طيران التحالف العربي.
وتتقدم القوات ميدانيا في جبهتي الميسرة والميمنة بشكل كبير، وسط انهيارات متسارعة وفرار جماعي للانقلابيين باتجاه صنعاء، بحسب مصادر ميدانية.
ويرجح خبراء عسكريون أن استمرار هذا التقدم كما هو حاصل منذ ثلاثة أيام، فإن مسألة إعلان تحرير نهم بالكامل سيكون خلال وقت قصير جدا.
ومع التحول المتسارع في مسار المعركة على أبواب العاصمة صنعاء، يبدو أن ميليشيات الانقلاب استنفدت كل خياراتها وأوراقها، بما فيها محاولة تجنيد مقاتلين بالقوة، خاصة من الأطفال والزج بهم في محارقها العبثية، وكذا ابتزاز التجار والمواطنين لدفع مزيد من الاتاوات لتمويل “مجهودها الحربي”، وسقوطها وهزيمتها كما يراه اليمنيون، هو المصير الطبيعي بعد كل ما ارتكبته من جرائم وانتهاكات غير مسبوقة.