أكدت الحكومة اليمنية، التزامهما بدعم كافة الجهود والمساعي الاقليمية والدولية لإنهاء الصراع، مطالبة في الوقت نفسه مجلس الأمن والمجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته في ممارسة الضغوط الحقيقة على ميليشيات الحوثي الإرهابية، وعدم الاكتفاء بالبيانات والمناشدات ودفعها إلى تغليب لغة السلام والحوار والتوقف عن جر اليمن وشعبه الى حروب بالوكالة وخدمة مشاريع إيران التدميرية في المنطقة.
جاء ذلك في بيانها الذي القاه مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله السعدي، اليوم، أمام مجلس الأمن الدولي في جلسته المفتوحة التي عقدتها في مدينة نيويورك الأمريكية .
وأشار البيان، إلى أن عقد كامل انقضى ولاتزال هذه الميليشيات المدعومة من النظام الإيراني تقوّض كل الجهود والمبادرات الهادفة الى تحقيق السلام، غير آبهةٍ بالمعاناة الإنسانية للشعب اليمني الأبيّ الصابر، وعلى الرغم من ذلك الزخم الإقليمي والدولي لإحياء العملية السياسية..منوهاً بجهود الأشقاء في المملكة العربية السعودية لإنهاء الصراع ومعالجة الأزمة اليمنية، وما قدمته الحكومة اليمنية من مبادرات وتنازلات دعماً لهذا المسار السلمي.
وقال ” ان السلام ظل يراوح مكانه بسبب تعنت الميليشيات الحوثية والاستمرار في نهجها التصعيدي، وعدم وجود شريك حقيقي وموثوق لتحقيق السلام”.. لافتاً إلى ان المليشيات الحوثية لا تزال تقرع طبول الحرب وتتهرب من استحقاقات السلام من خلال استمرار التصعيد العسكري في البحر الأحمر، وباب المندب واستهداف الملاحة الدولية، وتهديد الأمن والسلم الاقليمي والدولي، والتصعيد العسكري في عدة محافظات، واستمرار الجرائم والانتهاكات بحق المدنيين من قتل وتهجير وتفجير للمنازل في مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها في محاولة لكسر إرادة اليمنيين وإخضاعهم لمشروعها الانقلابي وأفكارها المتطرفة وحربها الاقتصادية الممنهجة ضد الحكومة اليمنية والشعب اليمني والإصرار على إطالة أمد الصراع الذي من شأنه مضاعفة المعاناة الإنسانية ووأد أية جهود لإنهاء هذه الحرب واستعادة مسار السلام.
وأضاف ” بكل أسف، كلما فُتح باباً للسلام أغلقته الميليشيات الحوثية، ولكننا ومع ذلك لن نستسلم وسنظل نتمسك بخيار السلام لأن شعبنا الذي عانى طويلاً يستحق أن ينعم بالأمن والاستقرار والتنمية وتحقيق السلام المنشود الشامل والعادل والمستدام وفقاً لمرجعيات الحل السياسي المتفق عليها وهي المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وفي مقدمتها القرار 2216″.
وشدد على ضرورة الضغط على الميليشيات الحوثية، للجهود والمساعي التي تقودها الأمم المتحدة، وجهود الوساطة للأشقاء في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، نحو إطلاق عملية سياسية تلبي تطلعات جميع اليمنيين في استعادة مؤسسات الدولة الضامنة للحقوق والحريات والمواطنة المتساوية، وتحقيق الامن والاستقرار والتنمية، وتقديم الدعم للحكومة اليمنية لفرض سيطرتها وتثبيت الامن والاستقرار على كامل التراب اليمني وتحقيق السلام والحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
وتطرق البيان إلى ما تواجهه الحكومة من تحديات اقتصادية وإستثنائية ناجمة عن توقف تصدير النفط لأكثر من عامين، وحرمان الدولة من 70 بالمائة من إجمالي الموارد العامة بسبب استهداف الميليشيات الحوثية لموانئ تصدير النفط..لافتاً إلى أن الحكومة رغم ذلك تواصل اتخاذ جملة من الإجراءات الهادفة لإعادة بث روح الثقة بمؤسسات الدولة وتعزيز حضورها، وتمضي قدماً في تنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية ووضع الخطط الاستراتيجية لتعزيز مبدأ الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد كعنوان للمرحلة الراهنة، بهدف التخفيف من الآثار والعواقب الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.
وعبر البيان عن ثقة الحكومة الكاملة في دعم شركاء اليمن في التنمية من الدول والمنظمات الدولية المانحة لخطط وبرامج واصلاحات الحكومة، وتقديم أوجه الدعم الاقتصادي والتنموي والإنساني لليمن في هذه الظروف الاستثنائية لتجاوز التحديات الراهنة..مشيداً بهذا الصدد بالدعم المقدم من الاشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة وتدخلاتهما في المجال التنموي والإنساني للتخفيف من الآثار الإنسانية والاقتصادية الكارثية، وتمكين الحكومة من القيام بمسؤولياتها والايفاء بالتزاماتها، كما تؤكد الحكومة حرصها على بناء شراكة مع المجتمع الإقليمي والدولي لتمويل عملية التنمية وإعادة الاعمار.
وتحدث البيان، عن إقدام الميليشيات الحوثية على استهداف منشأة صافر النفطية بمحافظة مأرب بثلاث طائرات مسيرة انتحارية في محاولة لتدمير هذه المنشأة المدنية الحيوية لإنتاج النفط والغاز، وأعتبره تصعيداً خطيراً يندرج ضمن الحرب الاقتصادية الممنهجة التي تشنها هذه الميليشيات ضد الحكومة اليمنية والشعب اليمني، واستمرار لنهجها التدميري للبنى التحتية ومقدرات اليمن وسياسة الافقار والتجويع الممنهجة ضد اليمنيين.
وحذر البيان في هذا السياق من مخاطر الكارثة البيئية الوشيكة جراء استمرار الميليشيات الحوثية عرقلة الجهود الدولية التي تبذل لإنقاذ ناقلة النفط اليونانية (سونيون) التي تحمل على متنها مليون برميل من النفط الخام بعد استهدافها من قبل هذه الميليشيات في البحر الأحمر في 21 أغسطس الماضي، والتي باتت تمثّل قنبلة موقوتة تنذر بكارثة بيئية واسعة النطاق في حال انفجارها ستطال اضرارها اليمن والدول المشاطئة.
وأكد ان استهداف المليشيات الحوثية المتكرر لناقلات المنتجات النفطية والكيماوية، يعكس عدم اكتراثها بالتداعيات الكارثية لأي تسرب نفطي في البحر الأحمر، ومضيق باب المندب وخليج عدن، على القطاع الاقتصادي والزراعي والسمكي، والشريط الساحلي لليمن والدول المشاطئة، والبيئة البحرية والتنوع البيولوجي في المنطقة..معتبراً هذا التصعيد الخطير تأكيد على طبيعة هذه المليشيات كجماعة لا تؤمن بالسلام ولا تكترث بالأوضاع الاقتصادية والانسانية في اليمن، ويعكس فشل التعاطي الدولي مع التهديدات الخطيرة التي تشكلها المليشيات الحوثية على أمن وسلامة الملاحة البحرية والتدفّق الحر للتجارة العالمية، مما يستدعي الحاجة إلى إعادة النظر في التعاطي مع سلوك هذه الميليشيات والتصدي لأنشطتها التخريبية والإرهابية.
ولفت البيان إلى أن هذه الحرب أودت بحياة مئات الالاف من الارواح، وخلفت عشرات آلاف من المصابين، ونقلت أكثر من 20 مليون شخص إلى دائرة الجوع، كما شردت الملايين عبر الاقطار والقارات، ودفعت بأكثر من أربعة ملايين نازح إلى مخيمات النزوح الداخلية في ظروف بالغة القسوة، وسحقت سبل العيش الكريم واعاقت قدرة الحكومة على تقديم الخدمات الأساسية في كل ارجاء اليمن بالإضافة إلى أنها جلبت الاوبئة والفيضانات المرتبطة بالمتغيرات المناخية سنويا الموت والدمار المكلف في ظل ضعف الخدمات وشبكة الحماية والرعاية الحكومية..منوهاً ان نقص تمويل خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن ضاعف من المعاناة الإنسانية والاقتصادية وفاقم من حالة انهيار العديد من القطاعات وحالة انعدام الامن الغذائي.
وأشار البيان إلى إختطاف الميليشيات الحوثية للعشرات من موظفي المنظمات الدولية والمحلية ووكالات الأمم المتحدة العاملة في اليمن منذ ثلاث أشهر في صدمة غير مسبوقة للمجتمع الدولي، تلتها جملة من الانتهاكات والعراقيل والإجراءات التعسفية والابتزازية ضد هذه الوكالات والعاملين فيها، وقال “وبالرغم من نداءات ومناشدات الحكومة اليمنية وعلى اعلى مستوى، الا انه وبكل اسف، ما تم اتخاذه من إجراءات ومواقف من قبل هذا المجلس ومن قبل الأمم المتحدة لحماية العاملين فيها وإنقاذ حياتهم لم يرقَ الى المستوى المطلوب والمتوقع”..مجدداً مطالبة الحكومة اليمنية لمجلس الأمن والمجتمع الدولي بموقف حازم إزاء هذه الممارسات التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون الانساني.