شارك وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور احمد عوض بن مبارك، اليوم الأربعاء، في الدورة الـ ١٥٩ لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، برئاسة وزير الخارجية المصري سامح شكري، بمشاركة وزراء خارجية الدول الأعضاء لجامعة الدول العربية والأمين العام لجامعة الدول العربية.
وقال وزير الخارجية في كلمة الجمهورية اليمنية التي القاها في الدورة “نجتمع اليوم في ظل الظروف والمتغيرات الإقليمية والدولية المعقدة والمضطربة، لنوحد رؤانا وننسق خطواتنا وبرامجنا لتصدي للتبعات والعواقب الخطيرة لهذا العالم شديد التحول من حولنا، إذ تترك الازمات تداعيات وآثار مضاعفة خصوصا على البلدان التي تجتاحها النزاعات المسلحة والتي تخوض غمار الحروب التي نعاني منها في اليمن جراء انقلاب المليشيات الحوثية على الدولة الشرعية الدستورية”.
واضاف “ان أعباء الحرب تضاعفت مع اشتداد الازمات الدولية مثل التغير المناخي، وانعكاسات جائحة كورونا على الوضع الصحي المتدهور، بالإضافة الى الاثار الكارثية الناجمة عن التضخم والركود الاقتصادي الذي تزامن مع انعدام الامن الغذائي، وشلل مختلف قطاعات الاقتصاد والتنمية، مما أدت الى اتساع دائرة المجاعة بين ملايين من أبناء شعبنا”.
واشار الى ان الازمة الأوكرانية ومشكلات الطاقة والضرر الذي لحق بسلاسل التموين الدولية، وانتهاءً بالزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا مؤخرا، وكل هذه الاحداث والأزمات تتطلب من الجميع العمل الجاد والجماعي وحشد الطاقات والجهود لمواجهة هذه التحديات العالمية التي تهدد حياة البشرية، وتعزيز التعاون بين الدول العربية من اجل تحقيق مصالح شعوبنا المشتركة.
ولفت الى ان اليمن واحدة من الدول التي تأثرت بتبعات الحرب في أوكرانيا وأزمة الغذاء العالمية الناجمة عنها، والتي اثرت سلبا على الامدادات الغذائية إلى اليمن التي تستورد حوالي 46 بالمائة من اجمالي واردات القمح من روسيا وأوكرانيا وبالتالي فان الازمة الإنسانية التي تعيشها اليمن منذ الانقلاب الحوثي على الدولة منذ سبتمبر 2014، وعدم وصول السلع والموارد الغذائية لمستحقيها في مختلف مناطق اليمن، سوف يفاقم المحنة الإنسانية التي تغذيها مسارات المليشيات الحوثية واستخدامها الحالة الإنسانية المتردية للشعب اليمني لخدمة اجنداتها السياسية والعسكرية واطالة امد الحرب.
واكد وزير الخارجية، على اهمية تكثيف دور المؤسسات والمنظمات العربية والدولية في دعم جهود وبرامج الحكومة اليمنية في مواجهة تحديات الوضع المعيشي والخدماتي، والتركيز على زيادة المساهمات ذات الطبيعة العاجلة في تنمية القطاعات التنموية والاستثمار في مشاريع إعادة الاعمار وإعادة هيكلة وبناء القطاعات الإنتاجية.
وتطرق الى المعاناة الانسانية الكبيرة التي تمر بها اليمن نتيجة انقلاب المليشيات الحوثية المدعومة من إيران على الشرعية الدستورية، على الرغم من سعي الحكومة اليمنية منذ وقت مبكر إلى انهاء هذا الانقلاب وعودة الامن والاستقرار من خلال المفاوضات والحوار السياسي والمبادرات الأممية الرامية إلى التوصل إلى حل شامل مستدام للازمة اليمنية وفقاً للمرجعيات المتفق عليها المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وفي مقدمتها القرار 2216.
واكد ان السلام لا يمكن ان يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلى عن خيار الحرب ويؤمن بالشراكة السياسية وبالحقوق المتساوية لكافة أبناء الشعب اليمني، ويؤمن بالدولة كمالك وحيد للسلطة والسلاح..منوهاً ان اي مشروع سلام في اليمن لا بد ان يتضمن هذه الأسس والا سيتحول السلام الى مجرد فرصة ومحطة للمليشيات لمحاولة فرض وتحقيق مالم تستطيع إنجازه من خلال الحرب.
ودعا وزير الخارجية، المجتمع الدولي للضغط على الميليشيات الحوثية وداعميها للإذعان لمتطلبات السلام العادل والدائم والشامل الذي ينشده كل اليمنيين، وتقديم الدعم اللازم للحكومة اليمنية لتمكينها من الاضطلاع بمسؤولياتها في تطبيع الأوضاع الاقتصادية وتقديم الخدمات للمواطنين وتنفيذ الإصلاحات الضرورية، والتصدي لتصعيد النظام الإيراني من خلال الاستمرار في عمليات تهريب السلاح للميليشيا الحوثية وهو ما يؤكد إصراره في إجهاض الجهود الدولية للتهدئة واستعادة الهدنة، واستخدامه الميليشيا أداة لتنفيذ سياساته في زعزعة الأمن والاستقرار ونشر الفوضى والإرهاب في المنطقة وتهديد المصالح الدولية.
وقال “من هنا ومع دعوات السلام الصادقة وتماشيًا مع مبادرة المملكة العربية السعودية المعلنة في مارس م 2021 وجهودها المستمرة وآخرها التواصل المباشر لاحياء جهود السلام والهدنة التي تعثرت على طريق انهاء الأزمة في اليمن والوصول إلى حل سياسي شامل، وافقت الحكومة اليمنية على الدخول في الهدنة الإنسانية منذ ابريل الماضي، التي مثلت امل بصيص لليمنيين لإنهاء الحرب المستمرة منذ اكثر من ثمان سنوات والبدء بمرحلة بناء السلام”.
واكد ان الحكومة اليمنية قدمت كل التنازلات لتمديد الهدنة والمحافظة علي استمرارها والبناء عليها كمنطلق لاستئناف العملية السياسية، واستمرت الحكومة اليمنية بالالتزام بالهدنة المتمثلة برحلات مطار صنعاء وتسهيل دخول السفن الى ميناء الحديدة، وحتى اليوم ترفض مليشيا الحوثي كافة المبادرات والمقترحات لتمديد الهدنة واستمرت بالخروقات وآخرها استهداف المنشآت النفطية والاقتصادية في اليمن على سابقة تعد الأخطر طوال سنوات الحرب، وهذا يؤكد عدم اكتراثها بالأوضاع الانسانية المتردية لليمنيين ويعكس موقفها من مساعي تخفيف وطأة المعاناة الانسانية عن كاهل اليمنيين، وجهود التهدئة واحلال السلام.
وجدد شكر الجمهورية اليمنية لتحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة وللإخوة في دولة الامارات العربية المتحدة على وقفتهم الصادقة والاخوية، وعلى ما يبذلونه من جهود للدفاع عن اليمن ودعم الحكومة اليمنية في مواجهة الانقلاب وإنهاء المشروع الإيراني في اليمن واستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة، ودعمهم اليوم للهدنة والاقتصاد اليمنى لتخفيف المعاناة الإنسانية عن بلادنا..مثمناً الدعم الاستثنائي من الأشقاء والقادة العرب لمجلس القيادة الرئاسي ممثلاً بفخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي للقيام بمهام المرحلة الانتقالية رغم التحديات الكبيرة على مختلف المستويات، فالمجلس القيادي الرئاسي هو حصن اليمن، وهو أداتنا لاستعادة الدولة ودحر الارهاب والانقلاب الحوثي.
الحضور الكريم:
كما جدد التأكيد على استمرار الحكومة والشعب في اليمن في موقفهم الثابت والمطلق لحق الشعب الفلسطيني الشقيق في كفاحه من اجل نيل حقوقه غير القابلة للتصرف والتي كفلتها له معطيات التاريخ والتشريعات والمواثيق والقوانين الدولية والإنسانية، ورغم الظروف العصيبة التي تمر بها بلادنا جراء انقلاب المليشيات الحوثية والحرب التي اشعلتها، لن تدخر جهدا للعمل المشترك مع الاشقاء العرب، والقوى الخيرة الداعمة للسلام في التضامن مع الشعب الفلسطيني في الدفاع عن مقدساته وارضه، من أجل نصرة عدالة القضية الفلسطينية، وكشف حقائق ممارسات الاحتلال الإسرائيلي.
وعبر عن استنكار الجمهورية اليمنية التصريحات الاستفزازية الأخيرة للحكومة الإسرائيلية متمثلة بوزير المالية والتي دعا فيها إلى محو قرية حوارة الفلسطينية..مجدداً رفض الجمهورية اليمنية لأي تغيير في الطابع الديمغرافي للمدن والقرى الفلسطينية الذي تقوم به قوات الاحتلال بلا هوداه.
وناقش الوزراء في لقاء تشاوري مغلق قبل افتتاح اجتماعات الدورة الـ ١٥٩، القضايا السياسية والدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وتقرير الأمين العام في الدورتين (158-159)، ومشروع جدول اعمال القمة في دورتها الـ٣٢ والقضية الفلسطينية والصراع العربي المشترك.
كما تطرق الوزراء، إلى أهمية مواصلة تعزيز العلاقات العربية البينية من اجل تحقيق المنفعة المتبادلة والتنمية..مؤكدين على أهمية تكثيف العمل العربي المشترك في ظل الظروف والمتغيرات الإقليمية والدولية، واهمية تنمية العلاقات العربية مع المحيطين الإقليمي والدولي، على قاعدة الاحترام المتبادل والتعاون البناء والمصالح المشتركة، وبما يحقق الامن والاستقرار الإقليمي والدولي ويساهم في الحفاظ على وحدة وسيادة واستقرار الدول العربية، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
ويأتي هذا الاجتماع تحضيراً للقمة العربية القادمة في الدورة الـ ٣٢ في المملكة العربية السعودية الشقيقة.
حضر الاجتماع المندوب الدائم لبلادنا لدى جامعة الدول العربية السفير رياض عمر العكبري.