اهتم موقع الاذاعه الالمانيه دويتش فيله بالوضع المتازم في اليمن و قال في تقرير له ان معسكر الحوثيين وصالح يشهد تصدعاً ومعسكر الحكومة يعيش انقساماً ظهر إلى حد تشكيل مجلس جديد يسعى لانفصال جنوب اليمن، ورفضته حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي. والمنقسمون في اليمن ينقسمون.
تتفاقم حدة الانقسام في صفوف طرفي النزاع في اليمن – الحكومة والمتمردين- ما يشي بأن احتمالات التوصل إلى حل ينهي الحرب المستعرة منذ أكثر من عامين تضعف شيئا فشيئا. وظهرت آخر أزمة تزيد من تعقيدات الوضع اليمني يوم أمس الخميس، عندما أعلن مسلحون انفصاليون مناهضون للرئيس عبد ربه منصور هادي تشكيل سلطة موازية لإدارة الجنوب على خلفية إقالة محافظ عدن عيدروس الزبيدي ووزير الدولة هاني بن بريك، والذي يشير مراقبون إلى تقاربه مع دولة الإمارات.
وفي الشمال، بدأ صراع على السلطة يشق صفوف التحالف الذي ضم المتمردين الحوثيين الشيعة والقوات التابعة للرئيس السابق علي عبد الله صالح الذين انقلبوا على حكومة هادي عام 2014. ويري محللون أن هذا التشرذم لا يساعد على خلق الظروف المواتية من أجل التوصل إلى تسوية قريبة المدى للحرب، التي لم تتوقف منذ تدخل تحالف عربي تقوده السعودية قبل عامين، فيما يرزح ملايين اليمنيين تحت وطأة العنف المشتعل ويخيم عليهم شبح المجاعة.
تصدعات بين الحوثيين وصالح
فعلى جانب المتمردين، تظهر تصدعات في التحالف بين صالح والحوثيين، والذي بدا غير قابل للتفسير أساسا كون الرئيس السابق شن ستة حروب ضدهم في الماضي، بحسب الخبير اليمني نجيب غلاب. ويشير غلاب إلى أن “التحالف القائم حتى الآن بين صالح والحوثيين هو تكتيكي، والحوثيون لا يؤمنون بالشراكة، ويبنون سلطتهم الذاتية خارج الدولة مرتبطة مباشرة بزعيمهم عبد الملك الحوثي”. ويضيف أنهم “يسيطرون على جهازي المخابرات (الأمن القومي، والأمن السياسي). واخترقوا حزب صالح، المؤتمر الشعبي العام، واستمالوا العديد من عناصره”.
غير أن الحوثيين أعلنوا في مطلع شهر أيار/ مايو ترقية 29 ألف ضابط وشرطي من منتسبي وزارة الداخلية المحسوبين عليهم. كما حرم قرار هادي تغيير مقر البنك المركزي من صنعاء، التي يسيطر عليها المتمردون، إلى عدن، الحوثيين من سبل دفع رواتب الموظفين. وأدى الغضب الشعبي الذي نتج عن ذلك إلى زيادة التوترات بين أنصار صالح والحوثيين، الذين يحتفظون بالأموال في مناطقهم من أجل تمويل الحرب.
علي عبد الله صالح
وشن معسكر صالح حملة على المتمردين بعدما دعا عبد الملك الحوثي في آذار/ مارس إلى محاربة من وصفهم بـ”الطابور الخامس” و”تطهير مؤسسات الدولة كافة من الخونة”، وهو ما رأى فيه المراقبون إشارة إلى أنصار الرئيس السابق. لكن الأخير دعا أنصاره في خطاب الثلاثاء إلى تجاهل “الاستفزازات” مضيفا “نحن تحالفنا ضد العدوان (التحالف العسكري العربي)، وليس من أجل الغنائم”.
من ناحيته، وصف الصحافي المؤيد لصالح، محمد انعم، الحوثيين بأنهم “أقلية استبدادية مكونة من ثلاث أسر”. ويؤكد غلاب بدوره أن “صالح لا يستطيع فك ارتباطه مع الحوثيين، وستكون مغامرة خطيرة عليه إذا فعل ذلك، لأنهم مسيطرون على الأوضاع”. وفي مؤشر على أن صبره بدأ ينفذ، أعاد الرئيس السابق هذا الأسبوع إطلاق دعوته للحوار مع السعوديين قائلا “سنحاور أصحاب الشأن، المملكة العربية السعودية” في الرياض أو منطقة خميس مشيط الحدودية أو حتى مسقط.
وبدت المملكة من جانبها مشجعة لابتعاد صالح عن المتمردين الشيعة وهو ما ألمح إليه ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بقوله “صالح تحت سيطرة وحراسة الحوثيين (…) وإذا خرج من صنعاء إلى منطقة أخرى سيكون موقفه مختلفا”.
معسكر الرياض
لكن الخلافات تقوض كذلك المعسكر الذي تدعمه الرياض. والدليل على ذلك الاضطرابات التي تسببت بها إقالة هادي في 27 نيسان/ ابريل لمسؤولين جنوبيين، بينهم الزبيدي ووزير الدولة بن بريك، وهو قائد وحدة أمنية نافذة شكلتها الإمارات، والتي تعتبر أحد أعمدة التحالف العربي. وأشعلت الإقالات دعوات جديدة إلى الانفصال في أوساط الحراك الجنوبي، وهو تحالف عسكري سياسي واسع يطالب بإقامة حكم ذاتي في جنوب اليمن، والتي كانت دولة مستقلة حتى عام 1990. ولم تنتظر حكومة الرئيس منصور هادي طويلاً فأعلنت عن رفضها تشكيل مجلس جديد يسعى لانفصال جنوب اليمن قائلة إن هذه خطوة من شأنها تعميق الانقسامات وخدمة مصالح الحوثيين المدعومين من إيران.
وأكد مسؤول حكومي طلب عدم الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس أن “أصداء هذا الانقسام تسمع في التحالف العربي، خاصة وأن القادة الجنوبيين الذين تمت تنحيتهم تدعمهم الإمارات،” التي لديها تواجد عسكري واقتصادي واجتماعي قوي في المحافظات الجنوبية الخمسة التي استعادت القوات الموالية للحكومة، مدعومة من التحالف العربي، السيطرة عليها في صيف عام 2015.
في هذه الأثناء، يتمتع حزب الإصلاح الإسلامي، المرتبط بالإخوان المسلمين بتمثيل لدى معسكر هادي من خلال نائب الرئيس، على محسن الأحمر، المدعوم من الرياض والذي يواجه تحفظات عدة من قبل أبوظبي الداعمة للمعسكر السلفي الذي يقوده الجنوبي بن بريك.
ويضيف المحللون كذلك أن تواجد مجموعات مثل تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية في الأراضي التي يسيطر عليه معسكر هادي، يضعف علاقات الأخير بالغرب والأمم المتحدة.