بعد ايام من نهاية جولة رئاسية مهمة في المنطقة، تبدو الرسائل القادمة من الكويت والبحرين ومصر وقطر مشجعة بمستقبل أفضل للعلاقات والتعاون الثنائي البناء.
•الكويت في المكانة التي تستحق
في السادس من يونيو/حزيران الجاري، حطت طائرة فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وعضو المجلس فرج البحسني، ووفد حكومي رفيع بمطار الكويت الدولي، في مستهل جولة هي الاولى للائتلاف الرئاسي الجديد الى الدول العربية الاربع.
في الكويت ابدى الرئيس رشاد العليمي، والوفد المرافق الشجاعة الكافية لمصارحة الاشقاء بشأن الهزات الطارئة التي ضربت العلاقات التاريخية المتميزة بين البلدين، واهمية الدفع بها الى المكانة التي استحقتها الكويت دائما في قلوب اليمنيين على مدى عقود.
في نفس اليوم قال رئيس الوزراء الكويتي سمو الشيخ صباح خالد الصباح ان العلاقات الكويتية اليمنية بدأت للتو عهدا واعدا في مختلف المجالات، بدءا بتعيين سفير جديد للدولة الشقيقة بعد سنوات من خفض تمثيلها الدبلوماسي.
كان الاستقبال رفيعا في ارض الكويت، لرئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي والوفد الرئاسي، و الحكومي، حيث كان رئيس الوزراء الكويتي ونائباه الشاغلان ايضا لحقيبتي الداخلية والدفاع وعدد اخر من الوزراء والمسؤولين بالديوان الاميري في مقدمة المستقبلين، بينما ظل علم اليمن خافقا في سماء الدولة الشقيقة حتى انتهاء الزيارة بلقاء حميمي مع ولي العهد سمو الشيخ مشعل الاحمد الجابر الصباح، نيابة عن صاحب السمو امير البلاد الشيخ نواف الاحمد الجابر الصباح.
لم يمض وقت طويل حتى ابلغت الكويت مجلس القيادة الرئاسي بمرشحها لمنصب السفير المفوض لدى اليمن، الذي تلقى موافقة رئاسية فورية، وذلك الى جانب منسق للمشروعات الكويتية في مجالات البنية التحتية والخدمات الاساسية بما فيها اعادة تأهيل المستشفيات التي مولتها الكويت خلال العقود الماضية، فضلا عن زيادة اعداد المنح الدراسية في المجالين الامني والعسكري، ومنح التسهيلات الاضافية للمقيمين والوافدين اليمنيين.
كما يدرس الجانب الكويتي طلبا رئاسيا بدعم الموازنة العامة للدولة، وتمويل انشاء محطة كهربائية، وتعزيز اسطول اليمنية بعدد من الطائرات، في حين وافق الصندوق الكويتي على استئناف تمويل مشاريعه المجمدة، والنظر في اي تدخلات اخرى ذات اولوية للشعب اليمني، كما وافق الجانب الكويتي على فتح الاجواء للرحلات التجارية بين البلدين.
وكان اللقاء برئيس مجلس الامة الكويتي مرزوق الغانم مشجعا على ان الكويت بكافة مؤسساتها مجمعة على دعم اقتصادي ودبلوماسي واسع للشعب اليمني وقيادته السياسية.
•البحرين.. ورشة متقدمة لمواجهة الفكر الارهابي
في مساء اليوم الثالث من الجولة، كان الوفد الرئاسي والحكومي في المنامة عاصمة مملكة البحرين الشقيقة التي تعمل كورشة عمل مدهشة في مكافحة الجماعات الارهابية، وتعزيز المشاركة الشعبية الفاعلة لمحاصرة هذه الجماعات، وخصوصا تلك المدعومة من النظام الايراني.
كان وزيرا الداخلية والخارجية البحرينيين الفريق اول ركن الشيخ راشد بن عبدالله ال خليفة، و الدكتور عبد اللطيف الزياني على رأس مستقبلي رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي وعضو المجلس فرج البحسني و الوفد الحكومي المرافق، وزير الخارجية الدكتور احمد بن مبارك، والتخطيط والتعاون الدولي الدكتور واعد باذيب، والنقل الدكتور عبد السلام حميد، والصحة العامة الدكتور قاسم بحيبح والمدير التنفيذي لجهاز تسريع تعهدات المانحين الدكتورة افراح الزوبة، قبل ان ينظم اليهم في المحطة التالية مدير مكتب رئاسة الجمهورية الدكتور يحيى الشعيبي.
وفي اليوم التالي اظهر ملك البحرين حمد بن عيسى ال خليفة لدى استقباله الوفد الرئاسي والحكومي صراحة مدركة للتحديات الامنية المشتركة، واكد التزام موقف بلاده الثابت ازاء اليمن وقضية شعبه العادلة ودعمه في استعادة دولته، والانضمام الى المنظومة الخليجية ضمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وهيمن الهاجس الامني في محطة البحرين، على المباحثات الثنائية بين البلدين، حيث عرضت المنامة استعدادها لتقديم كل اشكال الدعم للمؤسسة الامنية اليمنية، وتدريب كوادرها ومشاركتها كافة الخبرات والبرامج على صعيد محاربة الجماعات الارهابية والمتطرفة ومكافحة التضليل والشائعات.
وابدت البحرين موافقتها على فتح الاجواء امام الطيران اليمني لتسيير رحلات جوية منتظمة بين المنامة وسيئون، ودراسة اي طلبات يمنية من شأنها تعزيز التوافق القائم بين القوى الوطنية المناهضة للمليشيات المدعومة من النظام الايراني.
•مصر.. ملاذ اليمنيين في السراء والضراء
في الحادي عشر من يونيو عقدت قمة يمنية مصرية في قصر الاتحادية برئاسة فخامة الرئيسين رشاد العليمي، وعبد الفتاح السيسي.
ووضع رئيس واعضاء مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزبيدي، سلطان العرادة، الدكتور عبد الله العليمى، وعثمان مجلي، على الطاولة ما تمثله المليشيا الحوثية والنفوذ الايراني في اليمن، من مخاطر على حرية الملاحة الدولية بين مضيق باب المندب وقناة السويس.
يقول رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي ان سيطرة المليشيات الحوثية على ساحل اليمن الغربي، يمكن ان تغير كل شيء في المنطقة، وتضع أحد اهم الممرات العالمية تحت رحمة الابتزاز الارهابي المنظم.
وحينها كما يشرح الوفد الرئاسي، لا يمكن حصر الخطر فقط بالهجمات العابرة لحدود المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات العربية المتحدة، اللتين تتصدران جبهة المقاومة الواعية للنفوذ الايراني، وهو تهديد كان مدركا تماما في الكويت والبحرين ومصر ويجب ان تتداعى له المنطقة والعالم بأسره، حد وصفهم.
وقال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للصحفيين إن أمن اليمن من أمن مصر لما يمثله ذلك من ضمان للأمن القومي المصري، وحرية الملاحة الدولية في البحر الاحمر، ودعا في هذا السياق إلى تسريع انهاء تهديد خزان صافر النفطي الذي ينذر بكارثة بيئية مدمرة.
وأبدى الرئيس السيسي التزام حكومته بدعم اليمن ووحدته، وقيادته الشرعية، وتقديم كافة التسهيلات للاستفادة من الخبرات المصرية في مجالات البني التحتية، وتدريب الكوادر البشرية وتحسين الخدمات الاساسية، بما فيها الصحة والطاقة الكهربائية.
في اليوم التالي، تحدث رئيس مجلس القيادة الرئاسي أمام مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين، محذرا من التراخي في مواجهة المخاطر المحدقة التي تمثلها الجماعات والمليشيات المسلحة المدعومة من النظام الايراني في المنطقة.
وذكر فخامة الرئيس بالكلفة الباهظة للحرب التي شنتها المليشيات الحوثية، ومخاطر استمرار النظام الايراني تزويدها بالمال والسلاح، قائلا إن الهجمات الارهابية عبر الحدود المجاورة والبحر الاحمر من شانها تهديد إمدادات الطاقة العالمية، وجر المنطقة إلى دوامة العنف ومسلسل لا ينتهى من الازمات.
وفي هذا الصدد حث رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدول العربية إلى تفعيل قرار مجلس الجامعة الذي يصنف جماعة الحوثيين، منظمة ارهابية محظورة.
ونقل رئيس واعضاء مجلس القيادة الرئاسي، هذه المخاوف إلى مؤسسات الدولة المصرية بما فيها مجلسي النواب والوزراء، الذين وعدوا بتقديم مزيد الدعم البرلماني والدبلوماسي، والتسهيلات المطلوبة لأكثر من مليون يمني يقيمون في الاراضي المصرية، وفتح الاجواء لمزيد من الرحلات التجارية.
وفي اللقاء بشيخ الازهر الدكتور احمد الطيب، تلقى رئيس واعضاء مجلس القيادة الرئاسي، دعما مفتوحا من المشيخة الاسلامية العريقة، التي قررت مضاعفة المنح الدراسية، والمبادرة بتدريب كافة أئمة المساجد اليمنيين، وفق خطة سنوية وخمسية لنشر ثقافة الاعتدال والوسطية وتفكيك خطاب الخرافة والتطرف والغلو.
وضمن برنامج زيارة حافل باللقاءات مع صناع القرار المصري، اتاح رئيس مجلس القيادة الرئاسي، لقاء رسميا واحدا فقط، كان لممثلي جرحى القوات المسلحة والمقاومة، الذي قال انهم اكثرنا تضحية وانكارا للذات.
•قطر.. مرحلة واعدة بالتعاون المثمر
في محطته الاخيرة، كان رئيس واعضاء مجلس القيادة الرئاسي في دولة قطر الشقيقة كأول زيارة يمنية رفيعة بهذا المستوى عقب جهود المصالحة الخليجية المنبثقة عن قمة العلا، التي أعادت للمنطقة لحمتها وللعمل الخليجي زخمه تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
كان صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في صدارة لقاءات الزيارة الرئاسية إلى دولة قطر الشقيقة، ليؤكد دعمه الكامل لوحدة اليمن وسلامة اراضيه، وللتوافق السياسي القائم ضمن مجلس القيادة الرئاسي، واصلاحاته الاقتصادية والخدمية، وكافة الجهود الرامية الى تخفيف المعاناة عن الشعب اليمني.
وفتح هذا الاعلان الاميري الباب امام المسؤولين والصحافة القطرية للتبشير بعهد جديد في العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين، وعلى رأسهم رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ خالد بن خليفة آل ثاني ورؤساء الهيئات والمنظمات والصناديق القطرية العاملة في اليمن.
يقول القطريون انهم سيعيدون فتح مكاتب هيئاتهم الانسانية في المحافظات المحررة، وسيدرسون بجدية طلبات مجلس القيادة الرئاسي بشأن التمويل الخليجي للموازنة العامة للدولة، ودعم المرحلة الثانية من محطة الرئيس الكهربائية، وتحويل مستشفى خليفة بمدينة التربة إلى هيئة جامعية انموذجية، فضلا عن فتح الأجواء للرحلات المدنية بين البلدين، واتاحة الخبرات والمؤسسات القطرية امام الكوادر البشرية اليمنية.
وطوال الجولة الرئاسية، كانت هناك مشاورات، وجلسات داخلية شملت متابعة السفراء في الدول الاربع، واتصالات واجتماعات موازية خارج هذه الدائرة، وصولا الى العاصمة السعودية الرياض، حيث يجري التسهيل العاجل لمبلغ 900 مليون دولار من الاشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة لشراء مشتقات نفطية للسوق المحلية وبيعها للمواطنين بأسعار مناسبة.
عمل رئيس واعضاء مجلس القيادة الرئاسي خلال الجولة الرئاسية، على تصدير القضية اليمنية الى الواجهة، واعادة الاعتبار للعلاقات مع الحلفاء والشركاء التي اصبحت حميمية في بعض الجوانب، وغير مواكبة في جوانب اخرى، بما في ذلك اهمية تحفيز الوعي الجمعي العربي بالخطر الداهم، قبل ان تجد شعوب المنطقة نفسها غارقة في مستنقع الجماعات المتطرفة، التي يصعب ان تكون شريكا حقيقيا وجادا في اي جهود لصناعة السلام المنشود، كما قال فخامة الرئيس رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي.