رصدت صحف عربية صادرة اليوم الأحد، تداعيات السياسات التي تنتهجها تركيا، مشيرة إلى اشتعال الصراعات الداخلية في أنقرة ورغبة أردوغان في دعم موقفه السياسي وتحقيق أي مكاسب على حساب شعبه فقط لضمان بقائه في الحكم.
ووفقاً لهذه الصحف، فإن أردوغان يتواصل ويدعم المافيا الإجرامية، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد انتشاراً كبيراً لفيروس كورونا في مختلف القطاعات.
صراع عاصف
كشفت استقالة وزير الداخلية التركي سليمان صويلو الأخيرة وجود صراع كبير في محيط الرئيس رجب طيب أردوغان.
وأشارت صحيفة العرب اللندنية إلى أن صويلو ورغم تراجعه عن الاستقالة إلا أن الواضح منها أن الرئيس التركي يحرص على تغذية الصراعات من حوله لضمان ولاء المحيطين به.
وقالت الصحيفة إن “أردوغان دأب على وضع ثقته في صهره وزير المالية بيرات البيرق، وفي المقابل أيضاً يقوم يعمل على تقوية مسؤولين آخرين مثل وزير الداخلية الذي اشتهر بقمع حركة فتح الله غولن وحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد وإطلاق التهديدات للسياح العرب والأجانب”.
ويستبعد متابعون للشأن التركي، أن يتخلّى أردوغان عن صهره الذي يرعى مصالح العائلة وحلفائها من رجال الأعمال النافذين في حزب العدالة والتنمية، لكنه يحرص على أن يحتفظ بوزير الداخلية صاحب الشخصية القوية والقبضة الحديدية الذي يحتاجه لمواجهة أي تظاهرات أو احتجاجات اجتماعية غاضبة على سياساته.
أردوغان والمافيا
ومن جهته، قال تورغوت أوغلو المحلل والخبير السياسي في صحيفة لندن توداي الإلكترونية إن “الرئيس التركي يدأب على الإفراج عن اللصوص وزعماء المافيا لتحقيق مآربه السياسية المشبوهة”.
وأضاف “بدأ نظام حزب العدالة والتنمية في تنفيذ العديد من المشروعات التي أجلها أكثر من مرة بسبب انتقادات الشارع التركي، مستغلاً انشغال الرأي العام بأزمة كورونا”.
وأوضح أن زعيم أحد عصابات المافيا، يدعى علاء الدين تشاكيجي، هدد أردوغان في وقت سابق بالقتل، وقال عنه إنه “سلطان مزيف”، بات الآن حرأ طليقاً بفضل القانون الجديد الذي منح أمثاله العفو، بينما أبقى على سجناء الرأي في المعتقلات.
وأشار الكاتب إلى أن المحامي الموكل عن زعيم المافيا هو في ذات الوقت نائب الرئيس العام لحزب الحركة القومية، وكان يشارك في النقاشات البرلمانية الخاصة بقانون العفو المشبوه.
كما نبه من الشبهات التي تحوم حول نظام أردوغان قائلاً “نظام أردوغان أضاف أشياء أخرى على القانون الذي مرره من البرلمان وسط الانشغال بفوضى حالة كورونا التي تلهي الرأي العام”؛ مضيفاً “ما إن نتخلص من محنة كورونا، سنجد أنفسنا نستيقظ أمام فترة مظلمة في تاريخ تركيا من عدة جوانب سواء الحريات أو الديمقراطية، وليس الاقتصاد فقط”.
بؤرة كورونا
وبدورها، رصدت صحيفة الرياض السعودية تداعيت تفشي وباء كورونا على الوضع الاقتصادي التركي، وقالت الصحيفة إن “الإعلام التركي يكافح لإخبار الأتراك والعالم بأن الوضع الاقتصادي التركي سيكون على ما يرام”.
وأضافت “تارة تدعي وكالة أناضول التركية بأن موسم السياحة لم يلغ بل تأجل فقط إلى منتصف مايو(أيار) المقبل، وتارة أخرى تدعي الوكالة نفسها بأن السياح الأتراك سينقذون قطاع السياحة، إلا أن تقريراً لمعهد جيت ستون الأمريكي أكد أن الاقتصاد التركي بات مهدداً على المدى الطويل بسبب توقف المواسم السياحية لهذا العام، مع توقعات بأن تركيا ستكون البؤرة العالمية المقبلة لانتشار وباء كورونا”.
وأوضحت الصحيفة نقلاً عن مصادر إعلامية غريبة أن “الانهيار الذي سيعاني منه الاقتصاد التركي لم يبدأ مع أزمة كورونا، فالرئيس التركي أردوغان الذي تجنب إغلاق البلاد لمنع الانهيار الاقتصادي يعلم أن الوضع في بلاده سيكون مهدداً بعد عامين من ضعف العملة التركية، وارتفاع الديون وتضاؤل الاحتياط الأجنبي وتزايد معدلات البطالة، ما يضع تركيا في وضع سيء جداً مع انتشار الوباء وما يترتب عليه من خسائر اقتصادية”.
ولفتت إلى أن تركيا التي تملك اليوم تاسع أكبر عدد من الحالات في العالم، ستكون البؤرة المقبلة لانتشار الفيروس ما سيغرق الاقتصاد التركي الهش أساساً، والذي تعاني منه منذ وقت طويل.
أردوغان وإسرائيل
وأما الكاتب حسن العديني في صحيفة الخليج الإماراتية، فقال إن أردوغان يحاول الإيحاء بأنه يقف مع القضية الفلسطينية لكنه يطور علاقة تركيا بإسرائيل على نحو غير مسبوق.
ونبه إلى محاولات أردوغان استغلال القضية الفلسطينية لتحقيق أي مكاسب، وأضاف أن “الرئيس التركي يحاول الإيحاء بأنه يدعم القضية الفلسطينية، ويدعم نضال شعبها، لكن أردوغان الداعم للفلسطينيين يطور علاقة تركيا بإسرائيل وعلى نحو غير مسبوق.
وتابع الكاتب “قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو من قبل إن (أردوغان يسميني هتلر لكنه يعزز علاقته التجارية مع إسرائيل)، والحق أن التجارة بين البلدين تضاعفت في عهد حزب العدالة والتنمية 10 مرات عما كانت عليه من قبل، ومنذ 2014 زادت من 4.2 مليار دولار، إلى أكثر من 9 مليارات”.
وبحسب إحصاءات صندوق النقد الدولي في 2017، فإن إسرائيل تحتل المرتبة العاشرة في أسواق الصادرات التركية، ولم يبق أردوغان وحزبه على الشراكة الأمنية والاقتصادية التي وقعها الرئيس التركي الأسبق سليمان ديميريل فقط، بل عمل على تحديثها وأضاف إليها بنوداً جديدة منحت معاملة تفضيلية للشريك الإسرائيلي.
واختتم الكاتب مقاله بالقول “لهذا يجب ألا تصيبنا الدهشة عندما نسمع أن حكومة أردوغان زودت إسرائيل بمعدات طبية خاصة بمقاومة كورونا، يا له من لطف، وما أنبلها من مشاعر حين تقول الحكومة التركية إن وراء هذا الفعل دوافع إنسانية”.