عندما فتحت المملكة العربية السعودية الفرصة للنساء كي يصبحن سائقات لسيارات الأجرة، كان ذلك علامة فارقة في تمكين المرأة. هناك اليوم نحو 2000 امرأة في السعودية يعملن قائدات لسيارات الأجرة وتطبيقات النقل، والعدد في تزايد وفقاً لجريدة «عرب نيوز».
هذا ليس سوى مثال واحد على كيفية الاعتراف بالأدوار الأساسية للمرأة في تعزيز النمو الاقتصادي من قِبل دول مجلس التعاون الخليجي (البحرين، والكويت، وعُمان، وقطر، والسعودية، والإمارات).
في السنوات الأخيرة، نفّذت اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي إصلاحات كثيرة لتعزيز الإدماج الاقتصادي للمرأة. وقد حسّنوا فرص حصول المرأة على التعليم والرعاية الصحية وكذلك فرصها في قطاع التوظيف، هذا بالإضافة إلى تشجيع المرأة لتشارك في الحياة السياسية. أسفرت الإصلاحات التي حدثت في السعودية عن انتخاب ما لا يقل عن 17 امرأة لشغل مقاعد البلدية خلال الانتخابات المفتوحة في نهاية عام 2015، كما تم تعيين نحو 30 امرأة لأول مرة على الإطلاق في مجلس الشورى السعودي عام 2013.
يُبرز التقرير السنوي للبنك الدولي «المرأة وأنشطة الأعمال والقانون» لهذا العام، الإصلاحات المهمة التي أُدخلت في جميع أنحاء العالم خلال العامين الماضيين فيما يتعلق بتمكين المرأة اقتصادياً.
ومن نتائج التقرير لهذا العام، الاعتراف بالسعودية كأكبر مصلح عالمي، وذلك بعدما سنّت المملكة إصلاحات انفرادية تدعم مشاركة المرأة في الاقتصاد. والجدير بالذكر أن ثلاث دول من مجلس التعاون الخليجي كانت ضمن قائمة الدول العشر الأكثر تطبيقاً للإصلاحات في العالم، وهي: السعودية والإمارات والبحرين. وأوضح التقرير أن الأردن وتونس كانا من أبرز الدول المحسّنة.
نأمل أن يستمر هذا الزخم القوي للإصلاح في دول مجلس التعاون الخليجي وأن نرى المزيد من الإصلاحات في بقية منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. أود أن أتحدث عن بعض التحسينات التاريخية التي تم إدخالها في دول مجلس التعاون الخليجي في الأعوام الأخيرة.
لقد تحسَّنت درجة السعودية على المؤشر بمقدار 38.8 نقطة في العامين الماضيين، وارتقت 60 مركزاً في تصنيف المؤشر. وسُنَّت إصلاحات هائلة في ستة من المجالات الثمانية التي يغطيها المؤشر، وأود أن أُسلِّط الضوء على بعض الإصلاحات التي استأثرت باهتمام العالم. فقد منحت السعودية النساء حرية التنقل، ولم تعد المرأة بحاجة إلى إذن من ولي أمرها للسفر إلى الخارج أو استخراج جواز سفر. وأجرت السعودية أيضاً تعديلات في قانون الأحوال المدنية لتسمح للمرأة باختيار المكان الذي تعيش فيه مثلما يسمح للرجال.
وأصدرت المملكة تشريعاً يُجرِّم التحرش الجنسي في أماكن العمل. وتحمي التعديلات القانونية الآن النساء من التمييز في التوظيف، ويحظر على أرباب العمل عزل امرأة في أثناء الحمل وعطلة الوضع. ورفعت أيضاً سن التقاعد للمرأة إلى 60 عاماً بما يحقق المساواة بين الرجل والمرأة في هذا الصدد، وهو ما يساعد على زيادة دخولهن ومساهماتهن. وأخيراً، شجَّعت المملكة ريادة الأعمال النسائية بحظر التمييز على أساس النوع الاجتماعي في الحصول على الخدمات المالية.
وتستفيد نحو 6 ملايين امرأة سعودية فوق سن 21 من هذه الإصلاحات التي تدعم مشاركة المرأة في الاقتصاد. تعكس هذه الإصلاحات، التي قادتها وزارة التجارة والاستثمار، فهم الحكومة بأن المرأة تلعب دوراً رئيسياً في تحقيق هدف «رؤية 2030» المتمثل في زيادة مشاركة المرأة في القوة العاملة من 22 إلى 30%.
وفقاً لتقرير هذا العام، كانت الإمارات ثاني أكثر دول العالم تطبيقاً للإصلاحات، ونفَّذت تغييرات في خمسة من المجالات التي تقيسها مؤشرات التقرير. كانت جهود الإصلاح ضمن سلسلة مستمرة من الإصلاحات. وقاد جهود هذه الإصلاحات مجلس التوازن بين الجنسين، وهو هيئة اتحادية تتولَّى مسؤولية تنفيذ مبادرات لتعزيز تمثيل المرأة في القطاعين الخاص والعام في البلاد.
وكان من بين الإصلاحات المهمة التي نُفِّذت السماح للمرأة المتزوجة بطلب استخراج جواز سفر دون موافقة كتابية من زوجها، وحظر التمييز على أساس نوع الجنس في التوظيف، وسن عقوبات للتحرش الجنسي في مكان العمل، ورفع القيود عن عمل النساء ليلاً وفي صناعات مُعيَّنة، والسماح للمرأة بأن تكون رباً للأسرة مثلما يُسمح للرجل.
وفي البحرين، قاد المجلس الأعلى للمرأة، الإصلاحات، وقرر اعتماد أحكام خاصة بالتحرش الجنسي في مكان العمل، تشتمل على عقوبات جنائية للمخالفين. وبدأت البحرين أيضاً السماح بالإقرار بدور النساء في إعالة أسرهن.
تعمل برامج الإصلاح الناجحة هذه على إدخال تحسينات كبيرة على حياة المرأة وتشجع المنطقة على المضي قدماً في هذه الأجندة، خصوصاً أن دبي تستعد لاستضافة مؤتمر القمة الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمبادرة تمويل سيدات الأعمال (We – Fi) في 16 – 17 فبراير (شباط) 2020، وهو جزء من منتدى المرأة العالميWe – Fi. وهذا الحدث هو في الحقيقة عبارة عن منصة عالمية مقرها البنك الدولي ومكرّسة للنهوض بالمشاريع الحرة في الاقتصادات النامية من خلال شراكة تعاونية تضم 14 مؤسسة. والجدير بالذكر أن الإمارات والسعودية شريكان رئيسيان لـWe – Fi، حيث تعهدتا بمبلغ 100 مليون دولار أميركي لهذه المبادرة. من خلال التزامات كهذه، نأمل أن نرى زخم الإصلاح مستداماً في دول مجلس التعاون الخليجي وأن مشاركة المرأة الاقتصادية تتزايد باستمرار.
*نقلا عن الشرق الأوسط