ما كنا نتصور يوماً أن تسقط أشطار أحزاب بساستها وقادتها ومفكريها وأهدافها المرسومة على خارطة الوطن الطبيعية الفسيحة إلى وهدة التردي والضياع؛ وتحولها إلى مجرد لاقطات هوائية لذبذبات صور متحركة غير نقية، وبرامج انحرفت بتوجهها صوب التبعية والارتهان التي تزينها أقلام كتابها وصحفييها ومنافقيها خطأً سياسياً لمشروع لا نعتقد إلا أنه مشروع متصادم مع مشروع الوطن الكبير بوحدته الكانت لهذه الأحزاب قبل الكفر بها هدفا مصيريا تعمل في أوساط جماهيرها على غرس الإيمان به كعقيدة من يكفر بها يستوجب القتل، وفي أحسن الأحوال الطرد من رحمة الحزب إلى خارجه مذموماً مدحوراً، الآن وفي ظل هذه الحرب المدمرة للوطن أرضا وإنسانا حصل الارتداد بناء على مراجعة مصلحية مادية، وأصبحت هذه الأشطار الحزبية، وبعض القيادات السياسية- أغلبها محسوبة زورا على الشرعية- تعمل على تشظي الوطن، إلى كانتونات صغيرة لا تقوى على شيء أمام جبروت التنمر القادم من خارج الحدود تمارسه بعض دول الإقليم التي كانت إلى عهد قريب توصف في أدبيات وأسفار هذه الأحزاب بدول خطرة على مشروع تقدمي نهضوي رافض للتبعية والارتهان.
وما كنا نتخيل أيضاً بعد كم هائل من اللعنات التي كانت ترمي بها ألسنة القوم كل عميل وخائن ومرتهن للخارج الإقليمي أو الدولي أن يتحولوا إلى قسيسين ورهبان في معابد أولئك المغضوب عليهم كخارجين- برغبة جامحة- من سمو الولاء الوطني إلى وهدة السقوط الكبير والانحناء لآلهة الخراب الذين أصبحوا- ما بين عشية وضحاها- تقدميين لا رجعيين ولا امبرياليين وفق نظرية الارتداد والتردي حديثا، ووفق التفسير الحديث لشلة التعثير لمشروع اليمن الكبير- الدولة الاتحادية- خدمة لأطماع إقليمية وتحت يافطات كاذبة خاطئة تقول بمحاربة كل أداء صادر عن قيادة الشرعية، وتعثير كل توجه للجيش الوطني والمقاومة صوب تحرير ما تبقى من جغرافيا الوطن تحت وطأة مليشيا الموت والدمار المدعومة من إيران من خلال إشعال الحرائق خلف أنساق المواجهة المتقدمة للجيش الوطني، وتأييد ودعم كيانات مليشية موازية له.
يا هؤلاء! إنما مثلكم كمثل شبيهكم، وربما حليفكم الحوثي الذي يمارس توحشاً ضد شعبنا وعقيدتنا، بل وعاداتنا وتقاليدنا النبيلة.. إن ما تعملون وما تنطقون ليس سوى تهيئة لما تبقى من وطن جريح كي تجهز عليه المليشيا والأطماع القادمة من خارج الحدود.