فشلت الحكومة اليمنية والانفصاليون الجنوبيون، في تشكيل حكومة جديدة ضمن مهلة زمنية حدّدها اتفاق بينهما، ما يمكن أن يشكّل ضربة لآمال التوصل إلى حل للحرب التي تمزّق البلاد منذ سنوات.
وتدور الحرب في اليمن بشكل رئيسي بين المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، وقوات الحكومة الشرعية المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية والإمارات، منذ أن سيطر الحوثيون على مناطق واسعة في البلاد قبل أكثر من 5 سنوات.
لكن ثمة خلافات عميقة في المعسكر المعادي للحوثيين، فالقوات التي يفترض أنّها موالية للحكومة في الجنوب الذي تتخذ الحكومة منه مقرّا، تضم فصائل مؤيدة للانفصال عن الشمال، وكان الجنوب دولة مستقلة قبل وحدة اليمن سنة 1990.
وشهد جنوب اليمن في أغسطس معارك بين قوّات مؤيّدة للانفصال وأخرى موالية للسلطة أسفرت عن سيطرة الانفصاليين على مناطق عدّة أهمها عدن، العاصمة المؤقتة للسلطة المعترف بها منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر 2014، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ورعت السعودية اتّفاقا لتقاسم السلطة بين الطرفين لتجنّب “حرب أهلية داخل حرب أهلية”، وقّعته الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي، السلطة السياسية الأقوى في جنوب اليمن، في الرياض في 5 من نوفمبر الماضي.
ونصّ الاتفاق على تولي القوة الانفصالية الرئيسية عددا من الوزارات في الحكومة اليمنية، التي من المقرر أن تتكون من 24 وزيرا، وعلى عودة الحكومة إلى عدن.
وعاد رئيس الحكومة معين عبد الملك إلى العاصمة المؤقتة، الاثنين الماضي قادمًا من الرياض، ولكن لم يتم تشكيل أي حكومة جديدة رغم انتهاء المهلة الزمنية لذلك في 5 من ديسمبر الجاري، بحسب الاتفاق.
وبحسب الباحثة في شؤون اليمن في جامعة أوكسفورد إليزابيث كيندال، فإن “الجدول الزمني لتطبيق اتفاق الرياض كان دوما طموحا للغاية. لم يكن من المفاجئ أن نرى” أنه لم يتمّ الالتزام بالموعد المحدد.
وتقول كيندال: “السؤال الأكبر هو: هل تأخرت هذه الوعود أم أنها في نهاية المطاف غير قابلة للتحقيق؟”.
ويؤكّد الطرفان التزامهما باتفاق الرياض، ولكنّهما تبادلا الاتهامات بالمسؤولية عن عدم الالتزام بالموعد المحدد لتشكيل حكومة جديدة.
وكان المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي نزار هيثم اتّهم الحكومة اليمنية بـ”الخروج عن نص الاتفاق، ومن ذلك عملية التحشيد المستمرة باتجاه الجنوب”، الأمر الذي نفته الحكومة.
ورغم ذلك، تحدّث مصدر في المجلس الانتقالي الجنوبي للوكالة الفرنسية نهاية الأسبوع الماضي عن “تقدم كبير” في تنفيذ الترتيبات العسكرية والأمنية الواردة في اتفاق الرياض. قائلًا: “اعتبارا من الأسبوع المقبل، ستبدأ الخطوات التنفيذية لما تم التوافق عليه”.
في المقابل، اتّهم المتحدث باسم الحكومة اليمنية راجح بادي في بيان الانفصاليين بـ “محاولة عرقلة اتفاق الرياض”.
وأكّد بادي أن السلطة تقوم بتحركات عسكرية في الجنوب “تتوافق” مع بنود اتفاق الرياض، وتأتي بالتنسيق مع التحالف بقيادة السعودية.
ووفقا لكيندال، فإنه على الرغم من تراجع حدة الاشتباكات في الجنوب، الوضع على الأرض لا يزال هشا، وتوضح أنها “مسألة تتعلق باتفاق من السهل التوقيع عليه، ولكن من شبه المستحيل تنفيذه”.
ويرى محلّلون أن الخلافات داخل معسكر السلطة تضعف القوات الموالية لها في حربها ضد الحوثيين.
ويشكّل عدم التقدم منذ اتفاق الرياض ضربة للذين رحبوا به كخطوة أولى لإنهاء الحرب في اليمن التي قتل فيها آلاف، وتسببت بأزمة إنسانية تصفها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ في العالم.
وفي شوارع المدينة الساحلية الجنوبية، يشعر السكان بالاستياء وخيبة الأمل. وقال محمد باوزير، وهو من سكان عدن: “لم نشاهد أي تغيير على أرض الواقع”، مضيفا: “للأسف فإن الوضع يصبح أسوأ فأسوأ”.
ويقول الخبير في شؤون الخليج نيل بارتريك: “اتفاق الرياض وضع مجموعة من المواعيد النهائية التي تتوقف على مصداقية تامة من أطراف يمنية مختلفة للغاية في رغبتها وقدرتها على تقاسم السلطة في عدن”.
وبحسب بارتريك، فإن “تعليق الآمال على صمود اتفاق تقاسم السلطة في عدن طموح للغاية”.