تنفذ الميليشيا الحوثية حملات متواصلة في أحياء متفرقة من صنعاء،علي ملاك العقارات لاجبارهم على دفع مبالغ مالية تتراوح بين 100 و400 دولار، تحت مسمى «دعم الحكومة» و«المجهود الحربي»،
تقوم المليشيا بمنح الملاك مهلة أسبوعاً واحداً لدفع المبالغ المفروضة عليهم، ليسهل على هذه الميليشيا الحجز على العقارات ومصادرتها، بذريعة عدم الدفع.
ويقدر خبراء اقتصاديون وفق جريدة البيان الاماراتيه حجم الإتاوات والجبايات التي تجمعها الميليشيا الحوثية شهرياً من التجار وملاك العقارات ما يصل إلى 30 مليار ريال (120 مليون دولار).
وتتسبب الإتاوات التي تفرضها الميليشيا بمضاعفة المعاناة على كواهل اليمنيين من شريحة الموظفين والعاملين ذوي الدخل المحدود – والذي أصبح معدوماً في ظل انعدام فرص العمل وتفشي البطالة، واستمرار عدم صرف الميليشيا للرواتب إلا فيما ندر – بعدم قدرتهم على الإيفاء بسداد ما عليهم من إيجارات سابقة متراكمة لملاك العقارات.
سياسه ممنهجه
وتتبع الميليشيا سياسة ممنهجة تسعى إلى تضييق الخناق والتطفيش للملاك وكذا التجار بهدف إجبارهم على بيع ممتلكاتهم لصالح سماسرة ومعاونين يتبعون قيادات حوثية بارزة.
وقال خبراء اقتصاديون في مجال العقارات إن ميليشيا الحوثي تتبع منذ بداية انقلابها، سياسة منهجية للسيطرة على فروع النشاط الاقتصادي وتمكين أذرعها التجارية والعقارية في صنعاء، من خلال شراء منازل اليمنيين بعد إرهاقهم بالإتاوات. وشدد الخبراء على أن تلك الممارسات تندرج في إطار غسل الأموال المنهوبة والاستيطان الحوثي في مناطق حساسة في صنعاء.
وشهدت سوق العقارات في صنعاء ومدن يمنية أخرى خاضعة للميليشيا ارتفاعاً قياسياً خلال العامين الأخيرين، في وقت تعاني فيه تلك المناطق من ركود اقتصادي كبير وأوضاع معيشية صعبة، كانت نتاجاً للانقلاب الحوثي.
وأكد تقرير صدر مؤخراً وحمل عنوان «مؤشرات الاقتصاد اليمني»، أن حجم الثراء الذي يتمتع به قياديون في ميليشيا الحوثي تسبَّب بتضاعف أسعار الأراضي والعقارات في صنعاء؛ نتيجة إقبالهم على الشراء.
وجاء في التقرير الصادر عن «مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي»، أن مناطق في صنعاء شهدت ارتفاعاً في أسعار الأراضي والعقارات نتيجة حجم الثراء الذي تعيشه طبقة من المستفيدين من الحرب من المحسوبين على ميليشيا الحوثي المسيطرة على صنعاء وعدد من المحافظات شمال ووسط اليمن وغربها.
غسيل أموال
ووفق التقرير، فإن اقتصاد الحرب «لعب دوراً مهماً في انتعاش قطاع الأراضي والعقارات؛ كما يعد الوسيلة المثلى لغسيل الأموال الناتجة عن مكاسب الحرب من قبل كبار اللاعبين والمتحكمين في نفقاتها، وقد تم تحويل جزء من تلك الأموال إلى شراء العقارات خارج اليمن، إلا أن نسبة كبيرة ظلت في الداخل، لاسيما في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثيين، وكذلك في المحافظات التي تشهد استقراراً نسبياً مثل: مأرب، وحضرموت».
وتشير توقعات المركز إلى أن ما يتم تدويره من أموال في قطاع العقارات خلال العام يتجاوز 2 مليار دولار، ويعد هذا رقماً كبيراً مقارنة بحجم النشاط الاقتصادي المتواضع في اليمن.
وطبقاً للتقرير، فإن أسعار العقارات وشراء الأراضي ارتفعت بنسبة 100%، في حين زادت الإيجارات في المدينة بنسبة 67%، مع عدم وجود قواعد اقتصادية تحكم سوق الأراضي في البلاد.
وبالرغم من أن سوق العقارات في الاقتصاد اليمني هو الأكثر نشاطاً، لكنه الأقل ربحية، خاصة خلال المرحلة الراهنة، حيث لا دولة تجهز البنية التحتية ولا أمن أو قضاء يمكن أن يفصلا في نزاعات من هذا النوع، غير أنه يبقى الأكثر ضماناً عند أصحاب رؤوس الأموال.
وشهدت صنعاء ومدناً يمنية أخرى مثل إب وذمار وعمران وغيرها خلال السنوات الأخيرة – وفقاً لمراقبين – ظهور فئة من التجار ورجال أعمال ومستثمرين جدد، أغلبهم قيادات حوثية. وأشاروا إلى قيام الميليشيا، وبصورة غير معهودة، بشراء العقارات والمنازل، وإنشاء وافتتاح شركات ومراكز تجارية، في عملية غسل للأموال المنهوبة من الشعب اليمني.
ارتفاع جنوني
وحسب معلومات وأرقام محلية، ارتفعت أسعار العقارات، خصوصاً المنازل والعمارات السكنية، في صنعاء خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة بنسبة تصل إلى أكثر من 150%، بعدما سجلت هبوطاً حاداً في الأعوام الثلاثة الأولى من عمر الانقلاب. وأكدت المعلومات تزايد حركة شراء المنازل والمباني السكنية والتجارية خلال السنوات الأخيرة وظهور طبقة جديدة من قيادات ومشرفين تابعين لميليشيا الحوثي، في عملية استيطان وتمركز ممنهجة، مستغلة في ذلك سيطرتها على صنعاء، ونهبها لمقدرات وأموال وممتلكات الدولة.
وذكرت المصادر أن ميليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً تواصل منذ سيطرتها على العاصمة ومدناً يمنية أخرى، وبشكل مقلق، شراء مئات المنازل في أحياء متفرقة من المدينة، مقابل مبالغ هائلة أكبر مما تستحقه تلك المنازل.
وتقوم الميليشيا – حسب مصادر اقتصادية – بتحويل الأموال التي تنهبها من موارد الدولة إلى عقارات، لخشيتها إيداعها في البنوك أو اكتنازها في البيوت.
وقالت المصادر إن الميليشيا تتسابق في استثمار معظم الأموال المنهوبة في العديد من القطاعات، أهمها العقاري والخدمي والمصرفي وتجارة الوقود والأدوية، وتجني من ورائها أرباحاً طائلة بعد تحييد القطاع الخاص الحقيقي وتمزيقه واستئثارها بالسوق لصالح شركاتها على حساب أسماء تجارية كبيرة في السوق.