الإشارة هنا هي إلى التصريح الشهير لملك الأردن عبد الله الثاني، الذي قاله في ديسمبر (كانون الأول) 2004 أثناء زيارته لواشنطن، محذراً في وقتها من حكومة عراقية يهيمن عليها أتباع إيران، مع نفوذ إيران على نظام سوريا، وطبعاً لبنان من قبل في الجيب، ومعه «بخشيش» غزة، وربما شيء من الضفة!
وبعد تحذير عاهل الأردن، تضخم الهلال الخميني – ولا أقول الشيعي – على ديار العرب، وتمطّى على جبال اليمن، بل مدّ عنقه إلى عمق أفريقيا السمراء.
من كان يواجه هذا المشروع التدميري المشوّه للذات العربية في المنطقة؟
بكل وضوح تحملت السعودية القسط الأعظم من المواجهة، واتضح الطريق، وشمّر الرجال عن سواعد العزم في عهد الحزم، عهد الملك سلمان، وولي عهده الأمير محمد، وجرت ملاحقة النفوذ الإيراني وتطويقه، لكنه ما زال – عنيت المشروع الإيراني – يجد له أنصاراً من أتباع الفكر الخميني، من داخل الشيعة العرب، ومن خارج الشيعة العرب، ممن يطلق عليهم أتباع التشيع السياسي، مثل «حماس» الفلسطينية، وكثير من جماعات «الإخوان»، وفلول مارقة من اليسار المراهق.
بالعودة إلى الكلام الصريح للمبعوث الأميركي، براين هوك، تحدث الرجل عن لعبة كبرى تمارسها طهران في اليمن، ستؤدي بحال العجز الدولي عن التصدي لها إلى مخاطر كبرى، على رأسها «لبننة» البلاد، أي استنساخ التجربة اللبنانية.
لكن لماذا لا نجد أثراً لهذا الوعي لدى النخبة الأميركية؟ هل خواطرهم منشرحة لهذا التفجر الإيراني؟
أسال نفسي، هل تهديد الحوثي، وهو قطّ إيران في اليمن، للملاحة البحرية على باب المندب وخليج عدن، وتهديد الأم الإيرانية لمضيق هرمز، أمر يخصّ السعودية أو الإمارات فقط؟
الغريب أن السيد هوك، تحدث بالضبط عن هذه النقطة، وأن الخطر هو خطر على حركة التجارة العالمية كلها… حسناً، لماذا هذه «البلادة» لدى النخب الأميركية، وكأن ما يجري هو «عركة في حارة» بين السعودية وإيران؟
تذكرت مقابلة سيئ الذكر الآفل، أوباما، مع مجلة «ذا أتلانتيك»، عندما دعا السعودية وإيران لتقاسم النفوذ في المنطقة، وكأنه ناظر مدرسة يوزع الحلويات بين أطفال مشاغبين!
المبعوث الأميركي، وضع يده على موضع الداء، حين انتقد ضعف إعلام بلاده في تغطية دور إيران في إطالة الصراع المأساوي في اليمن، ويتحدث بالمفيد القاطع قائلاً: «منع إيران من ترسيخ نفسها في اليمن ضرورة لا خيار».
من يريد مواجهة هذا الخطر الإيراني، عليه أيضاً – مستر هوك – أن يواجه حلفاء وأصدقاء إيران في المنطقة، مثل قيادة قطر… أليس كذلك؟
* نقلا عن “الشرق الأوسط”