أكد وزير الدفاع الاميركي السابق، جيمس ماتيس، أنه توقع منذ عدة سنوات، أن إيران ستقوم بتصعيد استفزازاتها ضد الولايات المتحدة.
وأنحى باللائمة جزئياً على رد فعل إدارة أوباما الواهنة على مؤامرة إيرانية لتفجير مطعم في واشنطن دي سي، وفقاً لما نشرته صحيفة “واشنطن إكزامينر” في عرض لكتاب ماتيس الصادر حديثا بعنوان “استدعاء إشارة فوضى.. تعلم تولي القيادة”.
وتحدث ماتيس عن الفترة التي عمل فيها كقائد للقيادة المركزية للولايات المتحدة من 2010 إلى 2013، حيث تولى الإشراف على العمليات العسكرية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
وقال: “منذ أول يوم لي في القيادة المركزية الأميركية، كنت أعلم أننا واجهنا خصمين رئيسيين: الإرهابيين عديمي الجنسية، والنظام الشيعي الثوري في إيران، البلد الأكثر زعزعة للاستقرار في المنطقة”.
وأوضح ماتيس: “كانت إيران إلى حد بعيد الأكثر فتكاً من بين هذين التهديدين”.
ويذكر ماتيس في كتابه، أن الضابط المناوب في مقره في تامبا بفلوريدا أخبره في 11 أكتوبر 2011 أن المدعي العام ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي عقدا مؤتمراً صحافياً للإعلان عن اعتقال اثنين من الإيرانيين الذين خططوا للهجوم بالقنابل على مقهى ميلانو، وهو مطعم راقٍ في العاصمة الأميركية واشنطن كان المفضل لدى الأثرياء والمشاهير، بمن فيهم سفير المملكة العربية السعودية -وقتها – عادل الجبير.
كما كتب ماتيس أنه “قال المدعي العام إريك هولدر إن مؤامرة التفجير” تم توجيهها واعتمادها بمعرفة عناصر من الحكومة الإيرانية، وعلى وجه التحديد، أعضاء كبار في فيلق القدس (التابع للحرس الثوري الإيراني)، والذي يرفع تقاريره إلى قمة الحكومة الإيرانية”.
شكك العديد من الخبراء في تقييم الإدارة الأميركية بأن الحكومة الإيرانية متورطة في الخطة. وعلى الرغم من تاريخ إيران الطويل من مؤامرات الاغتيال في الخارج، كان بعض المراقبين يشككون في أن النظام الثيوقراطي سيحاول القيام بمثل هذا الهجوم الجريء.
ولكن أشار ماتيس إلى أنه كان متأكدا من ضلوع فيلق القدس في المحاولة الإرهابية، حيث قال: “لقد اطلعت على المعلومات الاستخباراتية: لقد سجلنا (المخابرات الأميركية) موافقة طهران على العملية”.
وأضاف المسؤول الأميركي السابق أنه “إذا كانت القنبلة قد انفجرت، لكانت أدت إلى تقطيع رواد المطعم والمارة في الشارع إربا، وتدفقت الدماء في مجاري الصرف الصحي. وكان سيكون أسوأ هجوم علينا (الولايات المتحدة) منذ 11 سبتمبر. لقد شعرت أن انطباع إيران عن عجز أميركا هو وحده الذي كان يمكن أن يدفعهم إلى المخاطرة بمثل هذا الفعل، على بعد بضعة أميال من البيت الأبيض”.
وشرح ماتيس أن فشل المحاولة يرجع إلى خطأ أساسي واحد، وهو أن الإرهابيين قاموا بتكليف عميل سري لوكالة مكافحة المخدرات بمحاولة تهريب القنبلة، ولولا هذا الخطأ لكان الإيرانيون قد أقدموا على تنفيذ هذا الهجوم المدمر. ولو كانت تلك القنبلة قد انفجرت لكانت غيرت التاريخ”.
واستطرد ماتيس قائلا: كنت كرئيس للقيادة المركزية الأميركية أرى أن الأمر يتطلب الرجوع في هذه النقطة إلى الرأي العام، حيث كان يعتقد “أنه كان علينا (الولايات المتحدة) الرد بقوة. وكانت خياراتي العسكرية سترفع قوة هذا الهجوم إلى أبعد مدى بما يمكن أن يكبد بالملالي وجنرالات فيلق القدس خسائر فادحة لا حصر لها”.
وكتب ماتيس شارحاً: “أولاً، كان على الرئيس أن يظهر أمام الشعب الأميركي ويوضح بقوة مدى الوحشية الهائلة لمحاولة الهجوم الفاشلة.. كان على الرأي العام الأميركي والعالمي أن يتفهم خطورة المؤامرة”.
وأوضح ماتيس أن هذا التصور يشبه اللحظة، التي أغلقت المشاعر الأميركية ضد ألمانيا في الحرب العالمية الأولى. “في مارس 1917، تلقى الرئيس ويلسون، عن طريق المخابرات البريطانية، نسخة من برقية أرسلها وزير الخارجية الألماني، آرثر زيمرمان، إلى رئيس المكسيك”. اقترح الألمان تحالفاً من شأنه أن تستحوذ المكسيك على أجزاء من تكساس وولايات أخرى إذا ساعدت ألمانيا على دخول أميركا الحرب.
ووفقاً لما استشهد به ماتيس في كتابه: “استشاط ويلسون غضبا، ونشر البرقية لتنبيه وتعبئة الرأي العام”، مشيراً إلى أنه “مثلما كان رد فعل الرئيس ويلسون، كان ينبغي على الرئيس أوباما أن يتوجه إلى الرأي العام الأميركي، ويعرض عليه الأدلة، ويدين النظام الإيراني، ويحاسبه”. لكن رفض أوباما أن يحاكى استخدام ويلسون لقوة المنبر.
ويعلق ماتيس على ما مارسه من ضغط، إلى جانب ما ينكره من اتهامات تزعم أن القيادة المركزية الأميركية قامت بتسريب تفاصيل عن مناوراتها العسكرية التدريبية السنوية، قائلاً: إن هذه الادعاءات “لم ترفع شعبيتي داخل البيت الأبيض. لكن في القيادة المركزية الأميركية، كان يجب علي التعامل مع إيران التي استمرت في الاستفزاز”.
لم تكن تلك الاستفزازات الإيرانية مختلفة عن استفزازاتها هذا العام، حيث صعدت طهران من سلوكياتها السيئة في المنطقة، في محاولة للضغط على أوروبا لكي تسارع بإنقاذ الاتفاق النووي.
استولى النظام الإيراني على سفينة حربية صغيرة تابعة للبحرية الملكية البريطانية في يونيو 2012، مدعياً أنه يحافظ على القواعد التنظيمية في مضيق هرمز. وبعد بضعة أشهر، حاولت طائرة مقاتلة إيرانية إسقاط طائرة أميركية بدون طيار في المجال الجوي الدولي فوق الخليج العربي.
وكشف ماتيس عن تفاصيل اقتراحه على إدارة أوباما أن “يجري إطلاق درون آخر على نفس المسار، مع ترقب عدد من المقاتلات طراز F-18، بعيداً عن الأنظار، ثم يتم إسقاط المقاتلة الإيرانية إذا هاجمت الدرون (الأميركي). ورفض البيت الأبيض منح الإذن (للقيادة المركزية الأميركية)”.
وشرح ماتيس وجهة نظره قائلا: “أردت القيام بتحركات محسوبة، لكبح جماح النظام (الإيراني) حتى لا يدفعنا إلى الحرب. إذا سمحت بالتعامل معك (الولايات المتحدة) باندفاع وعبث، فسيحدث أحد أمرين: أنه في النهاية سوف ينشب صراع أكبر وأكثر حدة، أو أنك (الولايات المتحدة) ستخرج من المنطقة”.
وأضاف ماتيس: “في رأيي، كان يجب محاسبة إيران والرد عليها عند الهجوم. ولكن كان هناك سبب لموقف ضبط النفس في الإدارة الأميركية. فقد كانت إدارة أوباما تتفاوض سراً مع إيران، رغم أنني لم أكن على دراية بالتفاصيل في ذلك الوقت”.