مصطفى ناجي :
بعد ان اجتاز عتبات البوابات المعمارية الأنيقة في القصر الرئاسي، بلغ العجوز دينار برفقة سيارات المراسم السوداء إلى واجهة يلتصق عليها الطير الجمهوري الشامخ. في احدى صالات القصر التقى – في نهاية التسعينيات – صالح بصفته رئيسا للجمهورية السيد بوب دينار.
بوب دينار، أشهر مرتَزِق فرنسي عالمي في القرن العشرين كان قد وفِد إلى اليمن ستينيات القرن الماضي لتدريب القوات الملكية المكونة من قبائل الحزام القبلي المحيط بصنعاء. كانت عِراص بيحان هي ميادين التدريب.
وكان أبناء سنحان يشكلون قواما كبيرا من القوات المعادية للجمهورية.
سنحان هي اخر القبائل التي جمهَرَت.
التقى صالح “الجمهوري” بوب دينار الذي درَّب بعض أهاليه وكأنه يتعمد اهانة الجمهورية التي أوصلته الى هرم السلطة وداس على دماء شهداء سبتمبر.
كان صالح، “الجمهوري” زيفاً، يحن في أعماقه الى عبوديته التي ألفها في طفولته حيث وعي النظام الكوني على أنه سيد وقبيلي في علاقة تفوق ودونية جائرة.
تسلق سلالم الجمهورية ولم يكتسب منها سوى أحقاده الصغيرة على الجميع. جعلته الجمهورية يتنقل في اصقاع اليمن ولم يكتسب منها سوى اخباثه المناطقية فكره الناس جميعا وازدراهم وأهانهم لأنه أعماقه لم تغتسل بالجمهورية وترتقي وتتسامح.
في عقده الثامن وجد صالح صدى طفولته وقرر ان يتخلى قليلا عن الزيف الجمهوري ليعود الى طبيعته كـ عكفي بائس في حضرة السيد.
لكنه عودته لن تكون مغفورة الا بقربان كبير، ولهذا قدم مؤسسات الدولة كافة وقبل هذا كتائب النخبة العسكرية والاستخباراتية وعتادها الثمين الذي كانت قيمته هي شعب يُعد الأفقر.
يتموضع صالح في المكان الوضيع الذي يليق بشخص غدر بالجمهورية التي تتضمن قيما اجماعية وسياسية لا يستوعبها صالح.
لا معنى لمقابلات صالح. لقد اصبح اراجوزاً إماميا لا أكثر. ولا من سبيل لتلميعه عبر مذيعين بارزين او حاطبي ليل.
صالح امامي البداية والمنتهى. وبيحان تقف في صف الحوثيين، الإمامييون الجدد. التاريخ ذو دلالات. والبي بي سي تبذل جهدا ميؤوسا مع صالح.