يبدأ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، اليوم الأحد، زيارة رسمية إلى العاصمة الأمريكية واشنطن تستمر حتى الخميس المقبل، تلبية لدعوة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
وتأتي الزيارة في خضم تصاعد الأحداث في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني والجولان وليبيا.
وتتجه الأنظار نحو توقيت زيارة السيسي تزامنًا مع تشابك عدة ملفات في ضوء التطورات الجارية في الملف الليبي والجزائري والسوري والفلسطيني. فالزيارة يغلب عليها الطابع الإقليمي وتعقد المنطقة العربية عليها آمالاً عريضة.
وحسب خبراء ومحللين سياسيين، فإن الزيارة ذات خصوصية ومحفوفة بالصعوبات التي وصفها البعض بـ“البالغة“، في ظل التعنت الأمريكي لتمرير صفقة القرن دون مبالاة من الرئيس الأمريكي للمخاطر التي تؤثر على المنطقة بأكملها جراء القرارات التى وصفها البعض الآخر بـ ”العمياء“.
السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق، اعتبر في حديث لـ ”إرم نيوز“، أن الزيارة ستخرج بمبادرة مصرية بعد محاولات من الجانب المصري لإقناع الجانب الأمريكي بخطورة الوضع في منطقة الشرق الأوسط الذي من شأنه قطع الطريق أمام التحركات الأمريكية المساندة لإسرائيل بعد اعتراف ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان والقدس عاصمة لإسرائيل.
ملفات إقليمية
وأضاف بيومي أن اختيار ترامب توقيت دعوة الرئيس المصري يعكس ”الورطة التي أوقع نفسه فيها بعد إعلانه عن المرسوم الذي قضى بسيادة إسرائيل على أرض الجولان، ورفض المجتمع الدولي لقراراته“، مشيرًا إلى أن ترامب تعمد توقيت الزيارة لاستكشاف ترتيبات الجانب المصري المقبلة، على حد قوله.
وأكد بيومي أن المباحثات تتطرق لدوائر الالتقاء في ملفات المنطقة مثل: الملف الليبي واليمني ومكافحة الإرهاب والوضع في سوريا، وهى نقاط محل اتفاق بين الجانبين، ربما تلقي بظلال إيجابية تدفع باتفاق جزئي بين البلدين فيما يخص الملف فى غزة والجولان.
وأشار إلى أن اللقاء يمتد لبحث عودة العلاقات التجارية بين البلدين لسابق عهدها، حيث تراجعت الولايات المتحدة للمركز الثالث في تصنيفها كشريك تجاري لمصر بعد الاتحاد الأوروبي والدول العربية، إضافة إلى توسيع دائرة الشراكة الإستراتيجية فيما يخص مجال التسليح بالنسبة لمصر .
من جهته، اعتبر ناجي مطش عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي في حديث لـ ”إرم نيوز“ أن اللقاء المرتقب يمتاز بخصوصية إذ يعد من اللقاءات بالغة الصعوبة، متوقعًا أن تمارس واشنطن ضغوطًا على مصر والدول العربية لتمرير صفقة القرن فى ظل إصرار ترامب على تمريرها بشكل يبدو جليًّا للداخل الأمريكي.
وأوضح ”مطش“ أن قررات الإدارة الأمريكية نسفت جهود إحياء محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وجاء قراره الاعتراف بسيادة الجولان ضربة قاصمة، لمحاولات إحلال السلام فى سوريا بعد أن أوشكت على القضاء على آخر معاقل الإرهاب بها.
التعاون العسكري
وقال مطش إن الزيارة تركز على مطالب القوات المسلحة المصرية لزيادة التسليح، والدعم بتبادل المعلومات الاستخباراتية في مجال مكافحة الإرهاب، والتعاون مع شركات تصنيع المعدات الحربية الأمريكية، لتطوير الأسلحة الأمريكية الموجودة بترسانات الجيش المصري.
وألمح المحلل السياسي الأمريكي إلى أن توقيت الزيارة يتزامن مع خطوة التعديلات الدستورية في مصر وهي خطوة يدعمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وفي سياق متصل، قال عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي ماك شرقاوي لـ ”إرم نيوز“، إن العلاقات المصرية الأمريكية رغم أنها تمتاز بالعمق الاقتصادي والإستراتيجي إلا أن هذا لم يمنع مصر من رفض العديد من السياسات الأمريكية، وتمسك الإدارة المصرية بمواقفها الثابتة تجاه القضايا العربية، خاصة القضية الفلسطينية، فلم تحيد مصر عن دعمها لحل الدولتين ودولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود الرابع من يونيو 1967، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، وكذلك رفض مصر القاطع لقرار الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، أيضًا رفض الرئيس ترامب بالاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة.
وأضاف شرقاوي أنه من المتوقع أن يكون على رأس جدول مباحثات الرئيسين، القضايا الإقليمية والتي يتصدرها الملف اللييبي والقضية الفلسطينية، وملف مكافحة الإرهاب، وسوريا واليمن.
استثمارات أمريكية
وأشار شرقاوي إلى أن الزيارة تستثمر عمق العلاقات فى استقطاب استثمارات أمريكية جديدة إلى مصر فى ضوء أنها تمثل أهم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، إذ تجاوز حجم التبادل التجاري بين مصر وأمريكا 8 مليارات دولار، وزادت الاستثمارات الأمريكية في مصر إلى 21.3 مليار دولار.
تجدر الإشارة إلى أن السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، صرح بأن الزيارة تأتي فى إطار سلسلة اللقاءات التى تجمع الرئيسين بهدف تعزيز علاقات الشراكة التي تربط بين مصر والولايات المتحدة، بما يحقق المصالح الإستراتيجية للدولتين والشعبين، فضلًا عن مواصلة المشاورات الثنائية حول القضايا الإقليمية وتطوراتها.
يشار إلى أن زيارة السيسي إلى واشنطن تعد الثانية في إطار اللقاءات الثنائية بين الزعيمين المصري والأمريكي، حيث كانت الزيارة الأولى في أبريل/نيسان 2017، عقب تولي دونالد ترامب، رئاسة أمريكا بأشهر قليلة، عقد خلالها قمة ”مصرية – أمريكية“ في البيت الأبيض.
وكان الرئيس المصري بحث مع نظيره الأمريكي خلال اتصال هاتفي الأوضاع في الشرق الأوسط، لا سيما في سوريا وسبل تعزيز التعاون الثنائي وخاصة عسكريًّا بين البلدين، وذلك في يناير الماضي.