سبتمبر نت
لم يعد لأم عمار يدا تقدم لها وأطفالها قوتهم ورغيفهم “المعيش اليومي”، بعد فقدان زوجها وعائل أسرتها الوحيد حركته التي كانت تكفيهم بالكاد لسد رمق جوعهم، جراء الحرب التي شنتها ميلشيا الحوثي الانقلابية، وتفخيخها لأجسادهم.
قبل عامين تقريبا سقط والد عمار طريح الفراش، جراء اصابته بشظايا انفجار لغم أرضي خلفته ميلشيا الحوثي الانقلابية في إحدى المناطق بمحافظة الحديدة غربي البلاد، أحد هذه الشظايا تسربت إلى حبله الشوكي، ما أفقده الحركة كليا، حسب أم عمار.
تقول أم عمار ” إنها أصبحت عاجزة أمام هذا الوضع، مع خمسة أطفال أكبرهم يبلغ من العمر 13 عاما، حيث لا يجدون غير ما جلبوه لهم الجيران الخيرين، وما تجود به القيل من المنظمة الإنسانية”.
وتضيف خلال حديثها لـ”سبتمبر نت” ان “الحرب افقدتهم قبل إصابة زوجها، الحياة الكريمة التي كان يجلبها لهم من عرق جبينه وكده في العمل، ولكنها مرة ثانية حرمتهم ما هو أكثر من تلك الحياة الكريمة التي كانت تتمثل في الرغيف والحاجات الأساسية، لتأخذ عنهم هذه المرة تلك اليد والظهر، في إشارة إلى زوجها الذي يقعد منكسرا ومتألما لما وصل إليه حالهم”.
وتتحمد أم عمار الله على بقاء زوجها على قيد الحياة، معبرة حيث تقول” يكفي أنه ما يزال حيا، والحمد لله على كل حال”.
معاناة كبيرة تعيشها أم عمار ومثلها الآلاف من الأسر، تسببت الألغام والعبوات التي زرعتها ميلشيا الحوثي الانقلابية، وما تزال تزرعها، فقدان أرباب أسرها وعائلها الوحيد.
أما الطفل رهف بنت العاشرة ربيعا تقول ” مات الذي كان يشتري لي الجعالة”، وهي تشير إلى صورة معلقة على جدار منزلهم من الداخل، ووالدتها تقف في الجهة المقابلة يملئها الحزن الشديد وروحها تكاد تخرج مع تنهيدة أطلقتها في إجابة على سؤال كيف تعيشون بعد موت أبو رهف.
أكتفت أم رهف بالقول” الله لا سامح ولا عافى من حرمنا منه” وهي تشير إلى صورته والدموع تملء عينيها، مواصلة حديثها بصعوبة “قتل بانفجار لغم زرعته ميلشيا الحوثي الانقلابية في تعز”.
ملاين الألغام والعبوات الناسفة بكل أنواعها، فخخت بها ميلشيا الحوثي الانقلابية سائر اليمن، بهدف منع تقدم قوات الجيش الوطني المسنودة من قوات التحالف العربي.
جميع تلك الألغام والعبوات المتفجرة بعضها يدوية الصنع، عمدت ميلشيا الحوثي الانقلابية على زراعتها في الطرقات والحقول والاحياء، لم تمنع تقدم قوات الجيش الوطني، ولم تحقق للميلشيا أي مزاعم من وقف خطر التقدم، بل كانت اخطارا قاتلة للمدنيين، الذي تعرضوا للقتل أو فقدان الأطراف أو التشوهات التي ستبقى تلازمهم مدى الحياة، ودمرت مصادر رزقهم الرئيسة من مزارع وبساتين، وفقدوا معها مصدر دخلهم وكذلك قوت أسرهم.
هكذا تخلف الألغام ضحاياها وتترك تبعاتٍ لا تقف عند الأسر فحسب إنما تتعداها إلى المجتمع ككل، حيث يرجح أن يصبح ضحاياها أناساً أكثر اعتماداً على المساعدة وأكثر عزلة. كما أنها تجعل من زراعة الحقول وحصادها أمراً مستحيلاً، مما يلحق أضراراً مادية مباشرة على المواطنين.