26 سبتمبر
كان من الممكن إنهاء كل منا برصاصة واحدة إلى الأبد (لسان حال الثوار عند انطلاق الثورة).. صباح الخامس عشر من يناير كان لابد للحلم أن يولد نقيا أبيضا، من أمام السفارة التونسية بعد عشية خالدة توجت بإسقاط بن علي، صرخ مجموعة من طلاب جامعة صنعاء ومعهم آخرون باعة متجولون وجدوا أنفسهم يهتفون الحرية، أرواحا تحولت إلى زهور وآمال..
ليطلق هؤلاء الشباب على أنفسهم حركة 15 يناير للثورة الطلابية الشبابية السلمية 2011، التي تميز مؤسسوها بالوعي والنضوج الكبير النقي، ما جعلهم النواة الأولى الأكثر هما وقلقا على مسار الثورة ومستقبلها آنذاك في ظل معرفتهم وإدراكهم بطرف النظام السلطوي والقمعي الذي خرجوا للمطالبة برحيله وإسقاطه.
لتمتد بعدها الثورة الشعبية السلمية لتعم كل اليمن حلما وآمالا.
كان إيمان وحلم هؤلاء الشباب يخفق ويكبر حتى صار شاسعا وخالدا.
في اليوم التالي بتاريخ 16 يناير دعا القطاع الطلابي في جامعة صنعاء في النزول إلى الشارع أهم قادة منظمات المجتمع المدني الفاعلين، والنشطاء الأحرار في صنعاء، حتى صارت خلال الأسبوعين الأخيرين من يناير 2011: شعلة إرادة خلابة، تتوقد بالصرخة المقدسة «الشعب يريد إسقاط النظام».
سعت ثورة الشباب السلمية جاهدة وواضعة في أولوياتها وأطروحاتها إعادة الاعتبار للوحدة ومعالجة القضايا التي تسببت بها سياسات العنف والإقصاء والاحتكار، مطالبة في الوقت ذاته بإعادة بناء الدولة الوطنية على أسس ديمقراطية تحديثية حقيقية، لتكون دولة مؤسسات معتبرة، تحتكر السلاح، ويسودها القانون، دولة الشعب لا مراكز الهيمنة والنفوذ، دولة للتطور وللتقدم، يزهو بها الشعب، ويعتز بقيمها الكبرى في السلام وفي التنمية وفي الكرامة وفي الإنتاج وفي العدالة الإجتماعية.
مخاضات الثورة..
مرت الثورة الشعبية السلمية بسلسلة من الأحداث والمسارات التي مثلت الإرادة المدهشة والوعي الذي شكل لاحقا وسيظل حقيقة الحدث وعظمته التاريخي في عهد اليمن.
2 فبراير 2011
أعلن الرئيس السابق علي عبد الله صالح، خلال اجتماع مشترك لمجلسي النواب والشورى تأجيل الانتخابات، مؤكدا أنه لن يمدد لنفسه ولا يورث لأحد من أقاربه، لتدعو أحزاب المعارضة في اليوم التالي إلى مهرجانات ثورية في العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى عدة.
11 فبراير 2011
كان هذا التاريخ هو الحدث الفارق في الثورة الشبابية الشعبية السلمية، ونقلها إلى مواضع القوة والاتساع الشعبي، حيث خرجت أول مسيرات حاشدة في تعز للمطالبة بـ»إسقاط نظام صالح»، كان لتنحي الرئيس المصري محمد حسني مبارك، أثرا بالغا في نفوس الثوار والشعب، لتبدأ يومها أولى الاعتصامات في محافظة تعز، توازيها خروج مظاهرات حاشدة في عدن ومحافظات أخرى قوبلت بالقمع.
16 فبراير 2011
في هذا التاريخ سقط أول «شهيد» للثورة الشبابية في مدينة عدن، وهو محمد علي العلواني (19 سنة)، في مديرية المنصورة، برصاص قوات الأمن، وتبعه أكثر من 11 شهيدا وعشرات الجرحى خلال أيام.
20 فبراير 2011
بدأ مئات المتظاهرين اعتصاما أمام جامعة صنعاء للمطالبة برحيل صالح، لتكون نواة الاعتصام الأطول الذي عرف بساحة التغيير.
23 فبراير 2011
استقالة 11 نائبا في البرلمان من حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم ومسؤولين في الدولة بسبب قمع الاحتجاجات.
18 مارس 2011 (جمعة الكرامة)
مقتل ما يزيد على 56 متظاهرا في ساحة التغيير بصنعاء برصاص مسلحين ملثمين، بعد صلاة الجمعة التي أطلق عليها «جمعة الكرامة»؛ وهو الحدث الذي مثل تحولا مفصليا في أحداث الثورة، واستقال على إثره المئات من المسؤولين الحكوميين وقيادات من الحزب الحاكم.
21 مارس 2011
أعلنت عدد من القيادات العسكرية البارزة، وعلى رأسها قائد المنطقة الشمالية الغربية قائد الفرقة الأولى مدرع علي محسن صالح، تأييدها السلمي للثورة، وتعهدت بحماية ساحات الاعتصام.
3 أبريل 2011
أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي مبادرة لانتقال السلطة والخروج من الأزمة بعد اجتماع المجلس الوزاري الخليجي في 3 أبريل، وكانت المبادرة بصيغتها الأولية مكونة من بندين: البند الأول: أن يعلن الرئيس التنحي عن السلطة وتسليم صلاحياته إلى نائبه.
البند الثاني: تشكيل حكومة وحدة وطنية بقيادة المعارضة.
واستمرت مفاوضات المبادرة وتوسيع بنودها، ووصلت إلى صيغتها النهائية في 21 مايو/أيار.
غير أن التوقيع عليها تعثر، يومها، وأضيف إليها ملحق «الآلية التنفيذية الأممية»، أعده المبعوث الأممي جمال بن عمر.
29 مايو 2011
إعلان البيان رقم واحد للجيش اليمني المؤيد للثورة، والذي قرأه اللواء عبد الله علي عليوه مستشار القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومعه عدد من قيادات المناطق والألوية العسكرية، أكد على وحدة المؤسسة العسكرية، ودعا جميع المنتسبين للمؤسسة العسكرية إلى الوقوف إلى جانب الشعب.
في ذات اليوم حدثت ما سمي بمحرقة ساحة الحرية بمحافظة تعز وسط اليمن، والتي راح ضحيتها العشرات بعدما حاولت قوات الأمن فض ساحة الاعتصام.
23 نوفمبر 2011
توقيع اتفاق المبادرة الخليجية وملحقه التنفيذي الأممي في العاصمة السعودية الرياض، بين حزب المؤتمر وحلفائه من جهة، وتحالف المشترك وشركائه من جهة أخرى، وبموجب الاتفاق جرى تشكيل حكومة الوفاق الوطني، ونقل صالح سلطاته إلى نائبه عبد ربه منصور هادي.
21 فبراير 2012
انتخاب نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي رئيساً في انتخابات غير تنافسية.
27 فبراير 2012
سلم الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح بصنعاء، مقاليد الرئاسة رسميا إلى عبد ربه منصور هادي. الذي فاز بالانتخابات الرئاسية المبكرة التي خاضها مرشحا توافقيا ووحيدا بموجب اتفاق انتقال السلطة.
11 فبراير ورهان الثورة المضادة
إن ثورة فبراير مثل كُلِ ثورة في العالم يطالب فيها شعبٌ بحقوقه ويسترجع فيها الشعب إرادته المسلوبة وكرامته المنتهكة وشأن اليمني فيها شأن بقية إخوته من العرب يجمعهم قاسمٌ مشتركٌ واحد وهو نوعية الظلم والتهميش الطائل بثقله على واقعهم المرير المؤلم.
الباحث في العلاقات الدولية من موسكو يوسف مرعي في حديث لـ«26 سبتمبر» كان انفجارُ ثوراتِ الربيع العربي بما فيها ثورة فبراير نتيجةً طبيعية نجمتْ عن الجمود المتكامل في المجتمع وهي رد فعلٍ عكسي للتخلف والركودِ في عالم يعج بالازدهار والتطور؛ فالعربي أصبح يدرك حجم اللاجدوى من الاستمرار في منحدر ِ واقع ما بعد الاستعمار ذلك الواقع الذي عملتْ أنظمة الاستبداد على تكريسه مستمدةً إمكانياتها من صمت العربي ومن تمكين دول الإمبريالية لها وبعد أن ادركتْ الشعوب مغبةَ صمتِها كان الحل الوحيد هو الثورة فهي الملاذُ المنجي للذوات المهمشة وهي الخيارُ المنقذ للوجود العربي فجاءت الثورة وكان أعظم مكسبٍ فيها هو سلميتها لأن السلمية أربكتْ الأنظمة العائلية فقد حطمتْ لديهم ذريعة تصديهم لخراب الوطن وفقا لنظرية المؤامرة لديهم.
وحول ثورة فبراير ومكاسبها والمنعطفات التي مرتْ فيها ودور أطراف الثورة المضادة في إجهاض الأهداف المرجوة من الثورة يوضح مرعي « إن من أهم مكاسب ثورة فبراير وبقية ثورات الربيع العربي أنها كسرتْ الصمت الشعبوي وأشعلت الحماسة في الشعب لخلق واقعٍ جديد من خلال القضاء على أنظمة دويلات مابعد الاستعمار وبناء دولة مدنية حديثة تلبي تطلعات الواقع وتوفر الحياة الكريمة لمواطنيها وقد يقول القائل: إن وهج الثورة قد انطفأ وإن صوتها قد صادرته سطوة الثورة المضادة!!
لكن الحقيقة تكمن في أن الشعب لايزال في ثورة مستمرة وأن الشعب لايزال يناضل ويكافح مثلما كافح لإسقاط نظام عفاش في انطلاقة ِالربيع ولايزال في كفاح مستمر ضد أطراف الثورة المضادة».
ويضيف: «ومن مكاسب ثورة فبراير أيضاً أنها كانت العامل الأهم والرئيسُ في تفكيك المنظومة العائلية الحاكمة وإن لم تتمكن من القضاء التام والمباشر عليها فقد منحت العوامل المتداخلة الفرصة لإضعاف نظام صالح ومن ثم اندثاره وتهاويه من خلال كونها المؤثر المباشر في صياغة بنود المبادرة الخليجية وما انبثق عنها من مخرجات الحوار الوطني ونموذج الدولة اليمنية الحديثة لكن بعض الثغرات القاتلة في مسار المرحلة الانتقالية منها منح الحصانة لعلي صالح ،والقبول بحركة الحوثي ضمن أطراف الثورة السلمية في نفس الوقت الذي يشكلون فيه خطرا محدقاً على السلم الاجتماعي وعلى مؤسسات الدولة إضافة الى ذلك أن آلية الهيكلة للجيش لم تكن مبنية على أهداف ثورة فبراير نفسها في بناء مؤسسة عسكرية مستقلة من خلال تعديلات جوهرية في الجيش الوطني وإنما تضمنت الهيكلة أخطاء فادحة نتج عنها تهميش الجيش الوطني ومن هذه الاخطاء تعيين وزيرا للدفاع غير أهلاً لمنصبه آنذاك، تلك الثغرات والأخطاء مكنت الثورة المضادة من حرف مسار الثورة الى فوضى وإحداث خلل في البُنية الاجتماعية والتركيبة الانتقالية وهذا مامكن المخلوع من تحالفه مع حركة الحوثي والانقضاض على مؤسسات الدولة وإغراق البلاد في دوامة حرب أهلية لم نتخلص من عنفوانها بعد».
ويتابع الباحث في العلاقات الدولية يوسف مرعي «ومنذ الوهلة الاولى لانضمام الحوثيين لثورة فبراير ونصبِ خيامهم الى جانب شباب الثورة كان لهم سلوكاً شاذاً عن بقية التكوينات الثورية وكان لهم طريقتهم في الثورة التي فهم الجميع أنها ليست سوى آلية انتشار للحركة وتوسيع نفوذها في المجتمع من خلال اندراجها ضمن التكوينات الثورية كي تكسب المظلومية التاريخية في المجتمع بحكم الحروب الستة في صعدة خلال حكم عفاش، لتدخل حركة الحوثي الثورة دخول متربصٍ وانتهجت نهجا متبايناً الى حدٍ كبير مع بقية التكوينات الثورية وظهرت على حقيقتها عندما بدأت تهاجم الجيش في صعدة وعمران».
ويقف مرعي على رغبات الحوثيين التي برزت» في إفشال مخرجات الحوار الوطني والاستفتاء على دستور الدولة الاتحادية وانخراطها في تحالفٍ مع صالح في شكل يظهره عاملا رئيسيا في وجود الحركة كورقة تهديد يستفز بها محيطه الخليجي ويصفي من خلالها خصومه في الداخل وامتزجت رغبة الحليفين في القضاء على ثورة فبراير ووأد مشروع الدولة المدنية الإتحادية فانطلقوا يعبثون بالوطن ويذكون المناطقية معلنين حربهم على الشعب وعلى مقدراته في أبجح غطرسة للثورة المضادة وبشنيع ما ارتكبوه، هم المسؤلون عن مآلات الصراع وهم السبب الأساسي في التدخل العسكري الإقليمي في الصراع وإغراق البلاد في تبعات صراع».
ويتابع الباحث يوسف مرعي قائلا: «إن حركة الحوثي وتحالفها البغيض مع نظام المخلوع هي السبب الرئيس في إرباك المشهد الانتقالي والزج بالوطن في تداخلات الصراع الداخلي والإقليمي معاً وأصبح الوطن مثقلاً بالفوضى موثقاً بالمعاناة».
وأختتم حديثه «ونحن في الذكرى الثامنة لثورة فبراير يجب أن نقف إجلالا لأولئك الشهداء الذين كان لهم السبق والخطوة الاولى في هز النظام العائلي المستبد كما أنه حريٌ بنا أن نتفقد الثورة ومآلات الصراع المرهق الذي يعصف بوطننا أرضاً وشعباً وأن نحافظ على وهج الثورة كي لا يخبو في دوامة العنف المتعدد الأطراف والمآرب كي نجدد عهدنا وولاءنا لله في خدمة الوطن ومقارعة الظلم والاستبداد مهما تعددت أوجهه واختلفت تراكيبه فالحقيقة الجلية أن هناك شعبا ً ثورته وإرادته وهناك عدو للشعب قد تتباين عناصره من حيث الطريقة والانتماءات لكن مضمون العدو واحد وهو أنه يعمل على تهميش الشعب وسلب مقدراته».
فبراير امتداد لروح الجمهورية
الصحفي هيثم الجرادي واحد شباب الثورة يقول في حديث لـ«26 سبتمبر» عن هذا الحدث التاريخي: «فبراير هي امتداد لروح الجمهورية ومسار لكل الأحرار والمتطلعين لغد مشرق، ولعل ابرز مكتسباتها هي اسقاط الاستبداد السياسي الذي جثم على الحلم الجمهوري السبتمبري وطموحات واحلام اليمنيين بدولة تحفظ لهم حقوقهم وتوفر لهم الحياة الكريمة والآمنة».
بالمقابل يرى هيثم أن «الحوثيين امتداد للمشروع الإمامي الكهنوتي، حيث استفادوا من طبيعة نظام صالح الاستبدادي في العمل من وراء الكواليس والتغلغل في اعماق الدولة ومؤسساتها، ولعل ما تبع ثورة 11 فبراير من حالة فراغ دستوري ساعدهم بشكل كبير في اجهاض الثورة والعمل في الخفاء لتمكين مشروعهم الإمامي والعودة إلى الحكم، وقد استفادوا من عدة عوامل».
وبين هيثم عدد من هذه العوامل «ولعل حالة الكيد السياسي بين حلفاء فبراير وخصومها قدمت خدمة ذهبية للحوثيين اللعب على المتناقضات واستغلال العوامل والظروف الجارية حينها، ما سهل لهم عملية الانقلاب على الدولة والشرعية».
وعن تطلعات الثوار يرى هيثم «إنها لم تتحقق في ثورة 11 فبراير بسبب ما آلت اليه البلاد عقب انقلاب الحوثيين، ولكن ما يحدث اليوم من عملية تحرير لليمن الجمهوري من مخلفات وبقايا الإمامة يمثل المسار الصحيح لتهيئة البيئة والأرضية لتحقيق تلك التطلعات، ففي ثورة 11 فبراير إسقاط الاستبداد السياسي ومشروع التوريث سلمياً، وحالياً يخوض ثوار فبراير مرحلة كفاح مسلح لتخليص اليمن من وباء الإمامة وتمكين المشروع الجمهوري من قيادة دفة البلاد مستقبلاً وتحقيق كافة التطلعات الثورية السبتمبرية والفبرايرية».
في حين لخص الناشط والكاتب واحد أبرز شباب الثورة السلمية واحد جرحاها هاشم الابارة لـ«26 سبتمبر» عن مكتسبات وتطلعات فبراير بالقول» إن أهم مكتسب لثورة فبراير أنها فتحت الباب لتغيير يستوعب حاجة اليمن للخلاص المركزية التي لم تكن قادرة على تلبية حاجة المناطق اليمنية لشراكة عادلة في السلطة والثروة، تلك المركزية التي لم تتجسد في مؤسسات الدولة بقدر ما جسدها لفيف من الشخصيات تجمعهم العصبية المناطقية وعلاقات التزاوج والشركات المالية سيطرت بشكل كامل على القرار السيادي وحولت منافع الثروة السيادية الي جيوبها الخاصة لتبني أمبراطوريات مالية، بالإضافة إلى المكسب المهم بإظهار حيوية الشعب وقدرته على الدفاع عن جوهر نظامه الجمهوري الذي كان صالح يريد أن يقضي عليه بإعلان حزبه لتعديلات دستوريه تدعو لتأبيد صالح في السلطة، وفي نفس الوقت يتم تحضير نجله أحمد للوراثة، ولولم تقم ثورة الشعب لكان مرر هذا المخطط، وما محاولة صالح لإسناد الحوثيين في انقلابهم إلا لإعادة هذا المشروع من باب الانقلابات المسلحة على الشرعية بعد أن عطل الشعب تمريره تحت اسم الشرعية، لكن يقظة المجتمع كانت بالمرصاد مرة أخرى وهب للدفاع عن جمهوريته ومكتسباته ودولته محطما كل أمال صالح الذي كان قد ذهب في محاولة انقاذها حد وهمه أنه قادر على الاستفادة من المليشيات الإمامية غير مدركا أنه لم يكن في حقيقة الأمر الا أداة بيدها استخدمته الي حين أنقضت الحاجة منه بإطباق سيطرتهم الكلية على كل أدوات القوة التي كان يمتلكها صالح وتخلصت منه، إذ لم يتفهم صالح الحاجة الملحة للتغيير، لذا لم يستوعب حقيقة ما تمثلة الحوثية من خطر حقيقي يستهدف الوجود الجمهوري ويريد إعادة الماضي السحيق بقضه وقضيضه، في محاولة عكس التاريخ وعكس التطور وعكس الطموحات والأمال اليمنية».
فبراير وإفراز الوعي
شكلت ثورة فبراير الشبابية الشعبية السلمية رافدا تاريخيا مهما في الوعي الجمعي للشعب حيال كل القضايا والسياسات والمفاهيم، وهو ما عززه الناشط وأحد شباب الثورة معاذ الصوفي قوله
«أن أهم مكتسبات ثورة فبراير هو مستوى الوعي الذي أفرزته الثورة على قطاع واسع من أبناء الشعب اليمني الحر والذي تكلل بخلق مشروع اليمن الاتحادي ومخرجات الحوار الوطني والذي استوعب كافة القضايا اليمنية التي راكمها النظام السابق لتنفجر دفعة واحدة في وجه أبناء الشعب حيث ولم يكتف بكل الفساد الذي تنامي ابان حقبة النظام السابق اجتماعيا وثقافيا وسياسيا، بل وختم فترته بالتحالف مع أخطر الجماعات العقائدية وسلمها رقاب الشعب ومؤسسات الجيش والأسلحة التي وجهت إلى صدور الشعب»..
ويضيف الصوفي «إن الحفاظ على مكتسبات ثورة فبراير يأتي من خلال تعزيز الوعي الشعبي بأهمية بناء الدولة المدنية الحديثة التي من خلالها نستطيع بناء أجيال طامحة ومتسلحة علميا وثقافيا وقادرة على عكس فكرة التغيير على واقع الدولة والمجتمع والنهوض بالوطن والتأكيد على أن الصوت الأقوى هو للشعب وهو صانع الكلمة الأولى في مسيرة التغيير والنهوض والتمسك بمخرجات الحوار الوطني وحصر السلاح لدى الدولة وتعزيز ثقافة التعايش المبني على روح القانون الذي يكفل حق المرأة في المشاركة في بناء ونهضة الوطن وبما يعزز مبدأ الحقوق والحريات تحت إطار الدولة المدنية الحديثة».
وعلق الصوفي ختام حديثه لـ«26 سبتمبر» «لقد عملت ثورة فبراير على إدخال فكرة السلمية إلى جماعة الحوثي الا ان هذه الجماعة القادمة من خلف التاريخ والمشبعة بالحقد على الشعب اليمني والمتدثرة بجلبابها العنصري المقيت ابت الا ان تسرق حلم هذا الشعب وتطلعاته وتدق مسمار التخلف في خاصرة مسيرة بناء الدولة ونكلت بالشعب وبدأت بالعمل لمشروعها الهاشمي الملتحف بعباءة الدين ووهم القداسة مظللة بذلك جزء من أبناء هذا الشعب تحت يافطة الدين وتحالفت مع النظام السابق للانتقام من ثورة الشباب الشعبية السلمية».