قالت صحيفة الغارديان البريطانية في 30 يناير/كانون الثاني إن “التحالف العربي عازم على إنهاء الحرب في اليمن وسط التعنت الحوثي”، استنادًا إلى التصريحات الأخيرة التي أدلى بها المبعوث الأممي مارتن غريفيث إلى وكالة (بي بي سي) البريطانية، وقال فيها إن “السعودية عازمة جدًا على التوصل لاتفاق من شأنه أن ينهي الحرب الأهلية في اليمن”.
وقال غريفيث، بحسب الغارديان، إن “وقف إطلاق النار هش للغاية، لكن السعودية لا تزال مصرة على التوصل إلى تسوية متفاوض عليها لإنهاء الحرب التي دامت لأربع سنوات”. وأضاف غريفيث أن “السعوديين يتعاونون بشكل عظيم في محاولة لإنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار”.
وحول الحوثيين، قال إن “إعادة الانتشار خارج ميناء الحديدة والمدينة بأكملها جزء أساسي من اتفاقية ستوكهولم، وكذلك نزع السلاح منهما، وإلا سيتلاشى اتفاق وقف إطلاق النار حتمًا”، في إشارة واضحة إلى رفض المتمردين الخروج من المدينة ومينائها برغم انقضاء أسبوعين على الأقل على الموعد النهائي المنصوص عليه في المحادثات.
وأكدت الغارديان أن “القوات الحوثية ترفض بالفعل الانسحاب من المدينة ومينائها، تحت ذريعة عدم الإشارة إلى المدينة بشكل صريح في اتفاقية ستوكهولم”، وهو ما نفاه بالطبع غريفيث عندما قال إن “الانسحاب من الحديدة جزء أساسي من اتفاق ستوكهولم”.
وأوضحت الغارديان كذلك أن هذا الأمر ليس غريبًا على الحوثيين، إذ “رفضوا كذلك حضور اجتماعات لجنة وقف إطلاق النار تحت ذريعة انعقادها في أراض تابعة للحكومة اليمنية الشرعية”.
ومن جانبها، قالت إذاعة صوت أميركا الدولية في 30 يناير/كانون الثاني إن “الانتهاكات الحوثية المتواصلة قد تضطر التحالف الداعم للحكومة اليمنية إلى استخدام القوة لإجبار المتمردين على الالتزام ببنود وقف إطلاق النار، الذي جرى التوصل إليه على طاولة محادثات ستوكهولم”. وأشارت الإذاعة الأمريكية إلى أن “أكبر الانتهاكات الحوثية تمثلت في عدم الانسحاب الحوثي من الموانئ والمناطق المتفق عليها في اتفاق ستوكهولم، فضلًا عن عمليات إطلاق النار والهجمات المتكررة”.
علاوة على ذلك، رأى مركز دراسات “أميركان ميديا إنستيتوت” الأمريكي في 23 يناير/كانون الثاني أن “الاستفزازات الحوثية المتواصلة أدت إلى تآكل وقف إطلاق النار”، وقال إن “الهجمات العسكرية من طرف الحوثيين انتهكت بشكل صارخ بنود وقف إطلاق النار، ما أدى إلى تهاوي آمال اليمنيين بإنهاء الحرب الأهلية”. وسلط المركز الأمريكي الضوء على حقيقة “استغلال الحوثيين للهدنة بغرض إعادة تسليح أنفسهم، استعدادًا للجولة المقبلة من الحرب”.
وأورد التقرير معلومات حصرية صادرة عن مجلة “ميديا بارت” الفرنسية، التي قالت إن “الحوثيين تلقوا شحنة أسلحة قادمة من قطر، اشتملت على بنادق كلاشنكوف وقنابل”.
وتقدّر المجلة الفرنسية أن “يمنيين يقطنون في الدوحة، هم من سهّلوا تهريب الأسلحة باتجاه الأراضي اليمنية”. ووفقًا للمجلة الفرنسية، “خلال فترة وقف إطلاق النار، لم يهرّب الحوثيون أسلحة من قطر فحسب، بل حصلوا على أسلحة إيرانية كذلك من منطقة المهرة المحاذية للحدود العُمانية، بعد أن جرى تهريبها إلى صلالة”.
ومن الجدير ذكره أن الكثير من التقارير الدولية أكدت أن طهران لا تزال تسلح الحوثيين وتمولهم حتى خلال فترة وقف إطلاق النار. وقالت وكالة “أسوشييتد برس” في 19 يناير/كانون الثاني إن “الوقود المهرب من إيران يموّل الحرب الحوثية في اليمن”.
وأضافت نقلًا عن خبراء الأمم المتحدة أن “الإيرانيين يعملون على شحن الوقود بشكل غير قانوني من إيران إلى المقاتلين الحوثيين بغرض تمويل حربهم ضد الحكومة اليمنية الشرعية”. وفي 31 يناير/كانون الثاني، أجرت صحيفة “ستريت تايمز” الدولية مقابلات مع مواطنين يمنيين، قالوا لها إن “الممارسات الحوثية لم تختلف سواء قبل إبرام اتفاق الهدنة أو بعده”.
وقال المواطن اليمني علي حسن مرزوقي: “ليس هنالك هدنة، الحوثيون أصابوا رأس ابنتي بعيار ناري وهي جالسة في بيتها”.
وقال مدير مستشفى يمني، إياد ناصر: “هنالك قناصة، وقنابل محسنة مصنعة يدويًا، وألغام، وقذائف تسببت بقتل الكثيرين منذ بدء الهدنة”، في إشارة واضحة إلى الحوثيين. بينما قال المواطن محمد صالح: “جرى ضرب منزلي مرة قبل الهدنة، ومرة بعدها، لم يتغير أي شيء”.
وأكدت الصحيفة نقلًا عن شهود آخرين أن “الكثيرين في المخيم بالقرب من الخوخة يرفضون العودة إلى منازلهم بسبب انتشار الألغام الحوثية في الساحات العامة وبين البيوت”. وأكد الشهود أن “الحوثيين هم من زرعوا الألغام بجوار منازلهم”، لكن المقلق أكثر أن “الحوثيين توعدوهم بعقاب شديد بسبب هربهم إلى مناطق الحكومة الشرعية”.
ونقلت ستريت تايمز كذلك عن تحقيق صحفي نشرته أسوشييتد برس في 28 يناير/كانون الثاني، قالت فيه نقلًا عن شهود يمينيين إن “الحوثيين استخدموا الهدنة لتحصين مواقعهم داخل الحديدة، وجلبوا حاويات شحن، وحفروا خنادق، وعززوا مواقع القناصة في المدينة، فيما يبدو أنها استعدادات لاستئناف الحرب”.
كما أجرت الصحيفة مقابلة مع الباحث الزميل في معهد واشنطن إنسيتيتوت، مايكل نايتس، فقال لها: “المعطيات تشير إلى أن الحوثيين يتعمدون تخريب وقف إطار النار عبر هجمات استفزازية ضد قوات التحالف، وبالتالي جر التحالف إلى قصف الحديدة من أجل تحميله المسؤولية في نهاية المطاف”.
وأضاف نايتس أن “الحوثيين يرغبون باستئناف الحرب بعدما استفادوا من وقف الإطلاق النار من أجل إعادة تعزيز مواقعهم وتسليح أنفسهم، لكنهم يفضلون تحميل التحالف المسؤولية عن فشل الهدنة، عبر محاولة انتزاع ردود فعل عسكرية على انتهاكاتهم اليومية”.
ومن اللافت أن الكثير من الوكالات الدولية المرموقة سلطت الضوء على الانتهاكات الحوثية في الآونة الأخيرة، من بينها وكالة رويترز، التي قالت في 30 يناير/كانون الثاني إن “الحوثيين هاجموا فريق نزع ألغام كان يحاول تهيئة طريق إنساني بالقرب من الحديدة”، وكذلك وكالة شينخواالصينية، التي أكدت في 25 يناير/كانون الثاني أن “الحوثيين عملوا على حرق منشأة حبوب بالقرب من الحديدة”.
وأخيرًا، سلطت منظمة (ACLED) الدولية، المتخصصة بجمع بيانات مناطق النزاع حول العالم وتحليلها، الضوء على تأثير الألغام الحوثية في السكان المدنيين في اليمن.
وقد نشرت المنظمة تقريرها في 31 يناير/كانون الثاني تحت عنوان “كيف تقتل الألغام الحوثية المدنيين في اليمن؟”، وأوردت فيه الكثير من المعلومات والأرقام الصادمة. ومن بين المعلومات الحصرية التي قدمها تقرير المنظمة ما يلي: أولًا: خلال الشهر الحالي، قتل 5 خبراء أجانب كانوا يحاولون إزالة الألغام الحوثية في مأرب
. ثانيًا: تؤكد التقديرات أن الحوثيين زرعوا أكثر من مليون لغم أرضي في اليمن، ما جعل البلاد “أكبر دولة ملغومة” منذ الحرب العالمية الثانية. ثالثًا: مقتل 267 مدنيًا على الأقل في انفجار ألغام حوثية، وهذا الرقم يشمل الأسماء المسجلة رسميًا فقط.\
وتشير التقديرات إلى أن عدد المقتولين بفعل الألغام يتجاوز 920 مدنيًا، فضلًا عن آلاف الجرحى.
رابعًا: ازدادت حوادث الألغام خلال العام المنصرم وبلغت ذروتها في شهري ديسمبر/كانون الأول 2018، ويناير/كانون الثاني 2019. خامسًا: تشير البيانات الأخيرة إلى أن الألغام الحوثية تقتل 12 مدنيًا على الأقل في الشهر الواحد، لا سيما في أواخر 2018 وبداية 2019، وهي زيادة تفوق نسبة 279% مقارنة ببدايات العام المنصرم.
سادسًا: قتلت أعداد كبيرة من المزارعين والحيوانات بسبب الألغام الأرضية، ما أضر بالاقتصاد الزراعي وتسبب بمجاعة الكثير من الأسر في المناطق الريفية. سابعًا: تسببت الألغام البحرية بمقتل 13 صيادًا قبالة سواحل الحديدة في يوليو/تموز الماضي. ثامنًا: غالبية الألغام الحوثية مزروعة في أماكن مأهولة بالسكان، وفي صناديق غذائية، وفي مطاحن.