حذّرت منظمة سام للحقوق والحريات المحسوبه علي حزب الاصلاح وجماعة الاخوان من جرائم حرب يرتكبها الحوثيون عبر عمليات القنص والقصف العشوائي التي طالت المدنيين في قرى الحَقِب، التابعة لمديرية دمت، محافظة الضالع بالجمهورية اليمنية،
وقالنت سام انها حصلت على معلومات تؤكد وفاة أحد عشر شخصاً وإصابة العشرات؛ بينهم نساء وأطفال، فضلاً عن هدم ثمانية منازل، ونزوح ما يزيد على ألف نسمة من سكان قرية الحقب إلى القرى المجاورة.
وأوضحت سام في بيان لها اليوم الأحد، أن الانتهاكات تتالت منذ إغلاق المدخل الجنوبي لقرية الحقب على يد الحوثيين في الخامس من الشهر الجاري (نوفمبر)، ومنع سكانها من الدخول والخروج، علاوة على منع المصابين من الوصول لمراكز العلاج خارج القرية، كما استهدفت السكان بالقنص، ما دفعهم إلى النزوح بشكل جماعي إلى قرى مجاورة تاركين وراءهم بيوتهم وثرواتهم الحيوانية، التي كانوا يعتمدون عليها للحياة.
وبحسب شهود عيان التقتهم سام، بدأت العملية بتمركز قوات الحوثي على الجبال الخلفية للقرية ومحاصرتها من جهة الجنوب، وقطع الطريق المؤدية للمدينة لعزل القرية عن مدينة دمت المجاورة، والتي تعد السوق التجارية للمديرية وفيها المستشفى، حيث لم يعد أهل القرية قادرين على الوصول إلى دمت لمعالجة الجرحى، ولم يعد بإمكانهم سوى التوجه إلى مديرية “مريس” التي تبعد 20 كيلومترا لإسعاف المصابين. كما توزع قناصة الحوثي على الأماكن المرتفعة في القرية ومنها حصن الحقب و “قفلة الحقب”، وأعاقوا الحركة داخل القرية عبر استهداف المشاة العزل الذين لا يشكلون أي خطر عسكري.
وقال توفيق الحميدي، رئيس المنظمة والقيادي الاصلاحي ، إن منظمته وثقت قصف عدة منازل خلال الفترة بين 6 – 9 نوفمبر (تشرين الثاني) بقذائف الهاون، ما أدى إلى تهدم عدة منازل ومقتل عدد من المدنيين؛ منهم السيدة كوثر القفيلي (27 عامَا)، وهي حامل وأم لطفلين، والسيدة ناوة قاسم الحقب، وهي أم لستة أبناء، فضلاً عن مقتل الشاب “جبريل مصلح الحرازي” (27 عاما)، في قصف استهدف منزل والده.
ولفتت المنظمة الحقوقية الدولية إلى أن حالات القتل والإصابات لم تنجم عن القصف فقط، وإنما كان هناك استهداف موجّه للمدنيين بالقنص، حيث سجّلت المنظمة خلال يومي الثامن والتاسع من الشهر الجاري مقتل الطفل غيث عبد الكريم الشعباني بطلقة قناص، وإصابة كل من حميد أحمد عبد القوي (30 عاما) وهو مريض نفسي، استهدفه القناص بينما كان يمر في أحد شوارع القرية صباح الخميس 8 نوفمبر، والسيدة فتحية أحمد محمد والتي تم قنصها فيما كانت تقوم بإطعام أغنامها.
وأعرب الحميدي عن قلقه من استمرار عمليات القصف والقنص، والتي تأتي ضمن عملية عسكرية يشنها الحوثيون للسيطرة على المنطقة، في ظل أن الضحية الأساسية حتى الآن هم من المدنيين العزل.
إلى جانب ذلك، سجلت سام قيام مسلحي الحوثي بحملة اعتقالات طالت المدنيين في قرية الحقب. وحسب شهود عيان، قام الحوثيون بعد أن سيطروا على القرية بالكامل باقتحام منازل المواطنين المتبقين في القرية واختطفوا العديد منهم، بما في ذلك كبار السن، وعرف من بين المختطفين “محمد علي جراب” (65 عاما)، و”مصلح صالح الظاهري” (60 عاما)، وناصر أحمد الدبيلي (50عاما) وشقيقه “مانع” (60 عاماً)، فضلاً عن آخرين، “سيف” وهو أحد النازحين من قرية الحقب قال لسام: ( لم يسبق لقريتنا أن عاشت مثل هذه الظروف لذا معاناتها أشد مما يتخيله الجميع، 300 أسرة تحديدا نزحت وتشردت.)
وحذرت سام من أن مسلحي الحوثي لم يكتفوا باستهداف المدنيين في قرية الحقب والسيطرة عليها، بل لاحقتهم إلى قرية “بيت اليزيدي” المجاورة، والتي كان السكان قد نزحوا إليها في البداية، حيث قاموا بقصف أحد البيوت بقذيفة، وذلك صباح السبت 10 نوفمبر، ما أدلى إلى إصابة اثنين من نازحي قرية الحقب بإصابات بالغة، فضلاً عن إصابة شابين آخرين من سكان قرية “بيت اليزيدي”.
يقول أحد المصابين لمنظمة سام (في السادسة من صباح يوم السبت، العاشر من نوفمبر، سمعنا صوت قذيفة قريبة من المنزل الذي كنت نائما فيه أنا وبعض الأصدقاء المختفيين من الحوثيين، افزعتنا القذيفة و شعرنا أنها كانت موجهه نحونا بشكل متعمد ومقصود، لم تمض سوى خمس دقائق حتى سمعت دويا مرعبا، شعرت أن جسدي تعرض لاصطدام عنيف، أغمضت عيني بلحظة خاطفة وفتحتها ولم أرَ شيء سوى غبار يحجب عني رؤية اصدقائي في الديوان الذي كنا نائمين فيه، لمحت ضوء من الباب نهضت بتثاقل وأنا أسمع أصوات صراخ وأنين من أحدهم، خرجت للخارج نظرت إلى نفسي، كانت الدماء تغطي من رأسي وحتى اسفل قدمي، كنت أنزف بغزارة.. لم أدرك لحظتها ما حدث، رأيت كثير من الأهالي يندفعون للمنزل، ورأيتهم يحملون هيثم الذي كان مظهره مرعبا، لم أستطع أن أستوعب ما حدث وكيف اجتمع كثير من أهالي القرية حولنا، كان هيثم ملقى على بطنه، وكان ظهره ينزف وجرحه مفتوح كما لو أن القذيفة أحرقت ظهره والدماء تنزف من وجهه وقدمة، كذلك خالد كان ينزف من أقدامه وبطنه، لم أعد اشعر بشيء، حينها وصل أصدقائي النازحين من قريتي، الذين كانوا بالمنزل الآخر، حملونا الى مستشفى مريس البعيدة، كان هيثم قد نزف كثير من الدماء لطول المسافة كون الوصول الى دمت يعد مستحيلا )
وأشارت منظمة سام إلى أن الأهالي وإثر استهداف مسلحي الحوثي لقرية “بيت اليزيدي” التي نزحوا إليها، اضطروا للنزوح مجددا إلى مديرية مريس، ومنذ ذلك الحين لم يحصلوا سوى على مساعدات بسيطة، فيما تكتظ البيوت المدنيين التي استقبلتهم بأعداد من النازحين تصل إلى تجمّع أسرتين أو ثلاث أسر في بيت واحد، وحذرت سام من أن الوضع الإنساني للنازحين من قرية الحقب وبيت اليزيدي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم”.
وقالت سام إن استخدام الحوثيين للقذائف بصورة عشوائية واستهداف المدنيين بشكل متعمد يمثل مخالفة للقانون الدولي، حيث أن اطلاق قذائف لا يمكن تحديد أهدافها بدقة ضد منازل المدنيين في قرية الحقب يعد ضرباً من القصف العشوائي، وهي تنتهك مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين بشكل فاضح، وتمثل “جريمة حرب” وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، خصوصاً مع تكرار هذا الفعل من قبل مليشيا الحوثي عدة مرات وعلى عدة أحياء، ما يوحي بتعمد استهداف المدنيين، حيث نصت المادة (8 (2) هـ – 1) من نظام روما على أن “تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية” يعد جريمة حرب.
ودعت سام للحقوق والحريات لجنة التحقيق الأممية إلى متابعة وتسجيل الانتهاكات في قرية الحقب عن كثب، مطالبة مليشيا الحوثي باحترام قواعد القانون الدولي وحماية المدنيين.
كما دعت سام كافة الأطراف المتحاربة في اليمن والمجتمع الدولي إلى الحرص على تنفيذ الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والإنسانية الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب وتجنيبهم ويلات القتال؛ لا سيما الأطفال والنساء.