بعد أن حصدت الحرب التي شنتها مليشيات الحوثي الإيرانية الإجرامية في اليمن آلاف الأرواح من أبناء الشعب اليمني، تأتي الأوبئة لتقضي على ما تبقى من الأرواح، كوباء الدفتيريا الذي جاء ليغرق مختلف المحافظات اليمنية في المزيد من الفقر والأمراض التي تنهش جسده مثل النار في الهشيم.إن الأوبئة والأمراض في اليمن تزايدت يوماً بعد يوم، ليبقى الموت محاصراً هذا الشعب منذ بداية الحرب الغاشمة التي شنتها المليشيات الانقلابية، وصولاً إلى انتشار وباء الكوليرا بشكل مخيف، والذي دفع العديد من المنظمات والهيئات الأممية إلى وصفه بأنه «الأسوأ» في التاريخ، ليأتي الانتشار السريع لمرض «الدفتيريا»، أو ما يسمى «الخناق»، ويدخل سباق الموت المؤكد في اليمن.
تقول إحدى الممرضات لجريده الاتحاد الاماراتيه في مركز علاج الدفتيريا في مستشفى السبعين للأمومة والطفولة في العاصمة صنعاء: «إن حالات الإصابة بالدفتيريا ترتفع في ظل نقص الرعاية الصحية»، موضحة أن المركز يستقبل بشكل متواصل أعداداً جديدة من أجل تلقي العلاج اللازمة، خصوصاً مع استمرار الدعم المقدم من منظمتي الصحة العالمية والأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»».
وأبدى عدد من المواطنين من ذوي الأطفال المصابين تخوفهم من استمرار انتشار المرض في صنعاء، في ظل تدهور القطاع الصحي الذي يعيشه القطاع جراء سيطرة الميليشيات الانقلابية، وعدم توافر الأدوية بشكل كافٍ، وكذا عدم قدرة المواطن على تحمل تكاليف العلاج، في ظل عدم صرف المرتبات من قبل الانقلابيين منذ أكثر من عام.
وقال أحد المواطنين: «لم نتعاف من مأساة مرض الكوليرا حتى نصاب بمرض قاتل جديد، المرضى يعانون ويموتون بصمت، في ظل سيطرة الميليشيات الانقلابية على إيرادات الدولة ونهبها للأموال وعدم صرف المرتبات»، موضحاً «بالكاد المبالغ المالية المتوافرة تكفي للغذاء أم الدواء فلنا الله».
الأوبئة وسباق الموت المؤكد في اليمن
أوضح وكيل وزارة الصحة لقطاع الرعاية الصحية الأولية الدكتور، علي الوليدي، لـ«الاتحاد»، «أن مرض الدفتيريا منذ ظهور أول حالة في أغسطس من العام الماضي 2017 وحتى 3 فبراير 2018م بلغت 933 حاله اشتباه منه، 62 حاله وفاة في عشرين محافظة، و157 مديرية، تركزت مجملها في محافظه إب والحديدة، وهناك جهود كبيرة من قبل مكتب الصحة العامة والسكان بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف والهلال الأحمر الإماراتي، وبدعم سخي من مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية والإغاثة، للقضاء على هذا الوباء الذي اكتسح البلاد».
وأشار الوليدي إلى أن هناك حملة تحصين وتثقيف صحي لمجابهة المرض والحد من انتشاره وانتقاله للمحافظات ألأخرى، والتي سيتم تنفيذها خلال الفترة المقبلة، لتشمل مختلف المديريات في المحافظات المستهدفة التي سجلت فيها الحالات، حيث تم تزويد المستشفيات والمختبرات المركزية بالأدوية والمستلزمات الطبية لاستقبال حالات الدفتيريا، وتدريب الكادر الصحي على السياسة العلاجية، وتم إنشاء طرف مركزي للإبلاغ عن الحالات من مختلف عموم المحافظات بالجمهورية.
وأضاف الوليدي «أن فرق التوصيل الدوائي وفرق الاستجابة السريعة تقوم بدورها في مختلف المديريات لاحتواء مرض الدفتيريا في عموم المحافظات اليمنية، بالتنسيق مع الشركاء الدوليين»، مشدداً على أهمية الترصد الوبائي وسرعة ودقة فحص العينات، وتناول العلاجات اللازمة، وضرورة التثقيف الصحي، وسرعة الإبلاغ عن أي حالات مشتبه فيها، ونقلها للعلاج.
حملة التطعيم الجماعي
وتقول ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن، نيفين زاغاريا: «إن وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية ستنفذ خلال الأيام المقبلة حملة التطعيم الجماعي التي طال انتظارها لاحتواء انتشار وباء الدفتيريا «الخناق» المستمر، حيث إن 1.4 مليون شخص هم المستهدفون في 41 مديرية، جرى الإبلاغ عن حالات فيها خلال شهر يناير الماضي، وسيتم تطعيمهم ضد المرض الذي يحتمل أن يكون مميتاً».
وأوضحت زاغا ريا «انخفاض عدد الحالات الجديدة، خاصة في محافظة أب، يعود إلى حد كبير لنشر فرق الاستجابة السريعة للتعرف إلى الأشخاص الذين أصيبوا بالدفتيريا، ومن اتصلوا بهم».
اليمن تمر بأسوأ أزمة بالعالم
وتصف الأمم المتحدة الوضع باليمن بأن الأزمة التي تمر بها اليمن تعتبر من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يعيش أكثر من ثمانية ملايين شخص على شفا المجاعة، وأن محافظتي أب والحديدة أكثر المحافظات اليمنية إصابة بالدفتيريا التي تنتشر عدواها عن طريق التنفس ومخالطة المرضى.
وقد أوضح مدير مستشفى الصداقة، الدكتور جمال عبد الحميد، لـ «الاتحاد»، أن مركز الأمراض السارية بالمستشفى ما زال يستقبل حالات الحصبة، حيث استقبل أكثر من 240 حالة، مشيراً إلى أنه تم افتتاح مركز إقليمي لاستقبال حالات الدفتيريا من محافظة عدن وعموم محافظات الجمهورية اليمنية، حيث تم استقبال من ظهور أول حالة في أغسطس من العام الماضي 2017 وحتى بداية فبراير من العام المنصرم 16 حالة، منها أربع وفيات، مثمناً دور وزارة الصحة وإدارة أطباء بلا حدود في الاستجابة السريعة، وتزويد المركز بالأجهزة والأدوية اللازمة، والكادر الطبي المؤهل، للحد من انتشار هذا الوباء.
الوضع المأساوي يغلق 45% من المراكز الصحية
أضافت مديرة الترصد الوبائي بمحافظة عدن، الدكتورة هناء السقاف، لـ«الاتحاد»، أن المركز رصد 53 حالة مصابة بالدفتيريا بمحافظة عدن، ومن المحافظات المجاورة، بسبب النزوح، وأن مرض «الدفتيريا» ينتقل عبر جرثومة تدعى «الوتدية الخناقية» التي تفرز مادة سمية تهاجم الخلايا المخاطية، وتعمل على خلق طبقة تسمى الغشاء الكاذب على اللوزتين والحلق يصعب إزالته، ويصيب بشكل أساسي الفم والعينين والأنف، وتمتد فترة حضانة المرض من يومين إلى 6 أيام.
وقالت: «إن أسباب هذا الوباء القاتل النزوح المستمر من القرى التي يقل أو يكاد ينعدم فيها التطعيم، وعدم إدراك الأهالي لأهمية إعطاء الأطفال في سن مبكرة اللقاحات الخماسية ضد أكثر الأمراض التي تصيب الطفل، وانعدام النظام الصحي والغذائي للأطفال، نتيجة لما تمر به البلاد من وضع مأساوي وصعب، أدى إلى تفشي الأوبئة وإغلاق 45 % من المراكز والمرافق الصحية في البلاد التي تعد من أفقر دول العالم.
ودعت هناء السقاف «الحكومة والمنظمات الصحية إلى إيجاد استراتيجية مجدية لرفع التغطية الروتينية للتطعيم، والبحث عن حلول دائمة من خلال فتح مراكز في القرى البعيدة التي لا تصلها فرق التطعيم، وشن حملات توعية للآباء الرافضين التطعيم بأهمية اللقاحات الخماسية للأطفال.